العبد الطائع، والمذكور هو الرب النافع, والذكر صفة تسكن في قلب العبد فتوقظه وتنوره وتشرح صدره وتصله بربه" ثم ذكر صفة الذكر فقال: "والذكر إما باللسان ليذكر غيره, أو بالقلب ليتذكر ما فيه من أسرار ربه وذكر القلب أنفع للذاكر, والكمال أن يجمع العبد بين ذكر القلب واللسان فينفع نفسه وينفع إخوانه، أما ذكر اللسان فهو أن تقول: الله الله بأدب وخشوع حتى يشرق عليك نور الاسم أو تذكر إخوانك بنعم الله وتشوقهم إلى جماله حتى يصطلحوا عليه, أما ذكر القلب فهو أن تفكر وتتذكر ما فيك من روح وعقل وحواس وإيمان وجمال"1.

حقيقة الإنسان:

تحدث بذلك عند تفسيره لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين} 2 فقال: "ولما كان الإنسان مكونا من حقيقتين: الأولى روحية والثانية بشرية, فالروحية تتنجس بالمعاصي والبشرية تتنجس بالجنابة والحيض والنفاس وجميع النجاسات والعبد لا يؤذن له بالدخول في الحضرة الإلهية إلا إذا تطهر من النجاستين، وتجمل بالطهارتين" ثم قال: "فيعلم من ذلك أن سالك الطريق إلى الله يجب عليه أن يعتني بالظاهر والباطن حتى يتجمل بجمال أسمائه تعالى الظاهر والباطن؛ ولهذا السر قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين} يعني: يا أيها المؤمن لست معصوما من الوقوع في النقائص, فبادر بالتوبة وهي انغماسك في بحر اسمه التواب فتخرج وعليك حلل الجمال والكمال ويمنحك الله الحب بسبب اعترافك بالنقص, وذلك يكون بكثرة تكرار التوبة والتواب هو الذي يشعر بالنقص في نفسه فيجعله يتوب في كل نفس, فينال مقام المحبة فالنقص عند العارفين معراج إلى الكمال" ثم قال: "فاعرف سبيل الوصول إلى مقام المحبة وحافظ على طهارة الضمير وطهارة الجسم فتتمكن من مقام المحبوبين"3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015