"عجبا لأمر المؤمن, إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن, إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له, وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" 1 وأطلقه بقوله: "وفي بضع أحدكم صدقة" قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام كان عليه وزر, فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" 2 وأطلقه بقوة لأولئك النفر الذين قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر, وقال ثالثهم: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا, فأعلنها رسول الحق: "أما والله, إني لأخشاكم لله وأتقاكم له, لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء, فمن رغب عن سنتي فليس مني" 3.
هذا هو منهج الإسلام في إيلام الحواس وما أخال هؤلاء الذين اعتقدوا أن إيلام الحواس يوصل العبد للصفات الملكية, ما أخالهم إلا رغبوا عن سنته -عليه الصلاة والسلام- ولذلك فهم يفرحون ويستبشرون بالابتلاء, ويسألون الله الحفظ إذا وقعت عليهم النعمة, وهذا ما قالوه في الابتلاء.
الابتلاء:
وذلك عند قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} 4.
فقال: "ولا بد أن يكون الاسترجاع بالقلب والروح لا باللسان فقط, فالمؤمن إن أتته النعمة تنبه وخاف أن تكون بلية وسأل الله الحفظ, وإن أتته البلية فرح واستبشر؛ لأن في طيها عطية, جعلنا الله من أهل اليقظة5 والحضور"6.