فنشيدهم بابا إذا فرحوا ... ووعيدهم بابا إذا غضبوا
وهتافهم "بابا" إذا ابتعدوا ... ونجيهم "بابا" إذا اقتربوا
بالأمن كانوا ملء منزلنا ... واليوم ويح اليوم قد ذهبوا
وكأنما الصمت الذي هبطت ... أثقاله في الدار إذ غربوا
إغفاءة المحموم هدأتها ... فيها يشيع الهم والتعب
ذهبوا أجل ذهبوا ومسكنهم ... في القلب ما شطوا وما قربوا
إني أراهم أينما التفتت ... نفسي وقد سكنوا وقد وتبوا
وأحس في خلدي تلاعبهم ... في الدار ليس ينالهم نصب
وبريق أعينهم إذا ظفروا ... ودموع حرقتهم إذا غلبوا
في كل ركن منهم أثر ... وبكل زاوية لهم صخب
في النافذات زجاجها حطموا ... في الحائط المدهون قد ثقبوا
في الباب قد كسروا مزالجه ... وعليه قد رسموا وقد كتبوا
في الصحن فيه بعض ما أكلوا ... في علبة الحلوى التي نهبوا
في الشطر من التفاحة قضموا ... في فضلة الماء التي سكبوا
أنى أراهم حيثما اتجهت ... عيني كأسراب القطا سربوا
دمعي الذي كتمته جلدا ... لما تباكوا عندما ركبوا
حتى إذا ساروا وقد نزعوا ... من أضعلي قلباً بهم يجب
ألفيتني كالطفل عاطفة ... فإذا به كالغيث ينسكب
قد يعجب العذال من رجل ... يبكي ولو لم أبكِ فالعجب