بينما كان خالد بن الوليد يواصل انتصاراته من شمال شبه الجزيرة العربية إلى وسطها كانت الجيوش التي أرسلها أبو بكر تحارب القبائل المرتدة والثائرة في الجهات الأخرى. وكان المنذر بن ساوى العبدي عاملا على البحرين في زمن رسول الله غير أنه مرض فمات بعد النبي صلى الله عليه وسلم بقليل فارتد بعده أهل البحرين وارتدت بكر.
وكان الجارود بن المعلى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد عبد قيس سنة عشر فأسلم وكان نصرانيا ففرح النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامه فأكرمه وقربه. وبعد أن تفقه في الدين رده إلى قومه عبد القيس "1 " فلما توفي رسول الله بلغه أنهم قالوا: لو كان محمد نبيا لم يمت فجمعهم وقال لهم:
أتعلمون أنه كان لله أنبياء فيما مضى؟ قالوا: نعم. قال فما فعلوا؟ قالوا: ماتوا. قال فإن محمدا صلى الله عليه وسلم قد مات كما ماتوا وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ". فأسلموا وثبتوا على إسلامهم2.
وكان أبو بكر بعث العلاء بن الحضرمي على قتال أهل الردة بالبحرين فلما كان بحيال اليمامة لحق به ثمامة بن أثال الحنفي في مسلمة بني حنيفة ولحق به أيضا قيس بن عاصم المنقري وانضم إليه عمرو والأبناء وسعد بن تميم والرباب لحقته في مثل عدته فسلك بهم الدهناء حتى كانوا في بحبوحتها نزل وأمر الناس بالنزول في الليل فنفرت إبلهم بأحمالها فما بقي عندهم بعير ولا زاد ولا ماء فلحقهم من الغم ما لا يعلمه إلا الله ووصى بعضهم بعضا فدعاهم العلاء فاجتمعوا إليه فقال: ما هذا الذي غلب عليكم من الغم؟.
فقالوا: كيف نلام ونخن إن بلغنا غدا لم تحم الشمس حتى نهلك؟.
فقال: لن تراعوا أنتم المسلمون وفي سبيل الله وأنصار الله فأبشروا فوالله لن تخذلوا.