وكان طليحة قد أعد فرسه وراحلة لامرأته النوار فلما غشوه ركب فرسه وحمل امرأته ثم نجا بها وقال:
يا معشر فزارة من استطاع أن يفعل هكذا وينجو بامرأته فليفعل ثم انهزم فلحق بالشام ثم نزل على كلب وأسلم حين بلغه أن أسدا وغطفان قد أسلموا ولم يزل مقيما في كلب حتى مات أبو بكر وكان قد خرج معتمرا، ومر بجنبات المدينة، فقيل لأبي بكر: هذا طليحة فقال: ماذا أصنع به قد أسلم1؟.
ولما أوقع الله بطليحة وفزارة ما أوقع أقبل أولئك يقولون: ندخل فيما خرجنا منه ونؤمن بالله ورسوله، ونسلم لحكمه في أموالنا وأنفسنا، وقد بايع خالد من خضع وأسلم من القبائل وهذا نص البيعة:
عليكم عهد الله وميثاقه، لتؤمنن بالله ورسوله، ولتقيمن الصلاة ولتؤتن الزكاة وتبايعون على ذلك أبناءكم ونساءكم.
ولم يقبل من أحد من أسد، وغطفان، وطيء، وعامر إلا أن يأتوه بالذين حرقوا ومثلوا وعدوا على الإسلام في حال ردتهم فأتوا بهم فمثل بهم وحرقهم ورضخهم2 بالحجارة ورمى بهم من الجبال ونكسهم في الآبار وأرسل إلى أبي بكر يعلمه ما فعل وأرسل إليه قرة بن هبيرة ونفرا معه وزهيرا موثقين.
أما أم زمل بنت مالك بن حذيفة بن بدر فكانت قد سبيت أيام أمها أم قرفة، فوقعت لعائشة فأعتقتها ورجعت إلى قومها وارتدت، واجتمع إليها الفل3 فإمرتهم بالقتال، وكثف جمعها، وعظمت شوكتها، فلما بلغ خالدا أمرها سار إليها فاقتتلوا قتالا شديدا أول يوم وهي واقفة على جمل كان لأمها وهي في مثل عزها فاجتمع على الجمل فوارس فعقروه وقتلوها، وقتل حول الجمل مائة رجل، وبعث خالد بالفتح إلى أبي بكر4.
أسر عيينة بن حصن5
كان خالد بن الوليد أسر عيينة بن حصن فقدم به إلى أبي بكر فكان صبيان المدينة يقولون له وهو مكتوف: يا عدو الله أكفرت بعد إيمانك!؟ فيقول: ما آمنت بالله طرفة عين فتجاوز عنه أبو بكر وحقن دمه.
مثال من كلام طليحة
وأخذ من أصحاب طليحة رجلا كان عالما به فسأله خالد عما كان يقول فقال: إن مما أتي به: