فتوحهم شبة جزيرة العرب. وقد تم ذلك كله في مدة خلافته وهي سنتان وأشهر، ولا شك أن هذه مدة قصيرة بالنسبة إلى ما تم في خلالها من جلائل الأعمال، وقد مهد بذلك طريق الفتوحات الإسلامية لمن جاء بعد من الخلفاء واتضحت بذلك حكمة رسول الله في اختيار أبي بكر بعده.
وقد كان رضي الله عنه مع ذلك لطيفا وديعا متواضعا زاهدا في الدنيا متقشفا عادلا غير طامع في ملك أو غنى، بل كان كل همه نشر الإسلام وتوطيد أركانه واتباع سنة رسول الله. وقد كان مؤلفا لقلوب المسلمين. وعلى العموم كان خير قدوة لهم في دينهم ودنياهم. وقد اختار لهم خير من يصلح للخلافة بعده وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان وزيره وقاضيه وملازما له طول مدة خلافته وذلك حفظا لكيان الإسلام.
هذا هو أبي بكر الصديق خليفة رسول الله الذي عنيت بترجمة حياته وشرح خلافته ومآثره في كتابي هذا.
وإني لأرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون قد وفقت في عملي، كما أرجو أن ينتفع به المسلمون ويتدبروا في سير سلفهم الصالح بعد أن سهلت لهم ما يتعسر فهمه من حيث شرح المواقع وسير الرجال وضبط التواريخ وتفسير الألفاظ الغامضة تسهيلا للبحث والمراجعة وتوفيرا للوقت. وإني في الختام أقدم مزيد شكري لجميع الذين أبدوا اهتمامهم وإعجابهم بمؤلفي " محمد رسول الله " ولا شك أني مدين لهم بهذا العطف والتشجيع.