أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر رضي الله عنه، وقالت الشيعة وكثير من المعتزلة: هو علي وهؤلاء جوزوا إمامة المفضول مع وجود الفاضل، وحجتهم أن قيام علي بالجهاد كان أكثر من قيام أبي بكر فوجب أن يكون علي أفضل منه لقوله تعالى: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً} [النساء: 59] .
وأجاب أهل السنة عنه بأن الجهاد على قسمين: جهاد بالدعوة إلى الدين وجهاد بالسيف، ومعلوم أن أبا بكر رضي الله عنه جاهد في الدين في أول الإسلام بدعوة الناس إلى الإسلام، بدعوته أسلم عثمان، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم أجمعين، وعلي رضي الله عنه إنما جاهد بالسيف عند قوة الإسلام، فكان الأول أولى، وحجة القائلين بفضل أبي بكر رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم: "ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر" 1
تجهيز رسول الله ودفنه2
بعد أن بويع أبو بكر جهز رسول الله ودفن ليلة الأربعاء وقد غسل في قميصه وغسله العباس، والفضل وقثم ابنا العباس، وأسامة بن زيد، وشقران مولى رسول الله، وحضرهم أوس بن خولى الأنصاري من بئر يقال لها الغرس لسعد بن خثيمة بقباء، وكان العباس وابناه يقلبونه، وأسامة وشقران يصبان الماء، وعلي يغسله وعليه قميصه، وهو يقول: بأبي أنت وأمي ما أطيبك حيا وميتا3، وكفن في ثلاثة أثواب يمانية بيض من كرسف – قطن- ليس في كفنه قميص ولا عمامة ولا عروة.
وبعد أن غسل رسول الله وكفن، وضع على سرير وأدخل عليه المسلمون أفواجا يقومون ويصلون عليه، ثم يخرجون ويدخل آخرون ولم يؤمهم في الصلاة عليه إمام حتى إذا فرغت الرجال دخلت النساء ثم دخل الصبيان.
وكان أول من دخل أبو بكر وعمر، فقالا: _ السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته_ ومعهما نفر من المهاجرين والأنصار قدر ما يسع البيت، فسلموا كما سلم أبو بكر، وعمر، وصفوا صفوفا لا يؤمهم عليه أحد، فقال أبو بكر وعمر وهما في الصف الأول حيال رسول الله:
اللهم إنا نشهد أن قد بلغ ما أنزل عليه ونصح لأمته، وجاهد في سبيل الله حتى أعز الله دينه،