توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين 12 ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة "9 حزيران يونيه سنة 632 م " فهب الأنصار يطالبون بالخلافة قبل أن يدفن رسول الله مع أم المهاجرين لم يكونوا قد فكروا في الخلافة، بل كان كبار الصحابة مشغولين بتجهيز رسول الله ودفنه، وطمع سعد بن أبي عبادة في أن يكون خليفة ويكنى أبا ثابت وكان نقيب بني ساعدة2 والسيد المطاع في الخزرج.
اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة وجاؤوا بسعد بن عبادة وهو مريض بالحمى ليبايعوه وطلبوا إليه أن يخطب، فقال لابنه أو بعض بني عمه: إني لا أقدر لشكواي أن أسمع القوم كلهم كلامي، ولكن تلق مني قولي فأسمعهم، فكان يتكلم ويحفظ الرجل قوله فيرفع صوته فيسمع أصحابه.
خطبة سعد بن عبادة3
قال سعد بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
يا معشر الأنصار، لكم سابقة في الدين، وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب، إن محمدا عليه السلام لبث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن، وخلع الأنداد والأوثان، فما آمن به من قومه إلا رجال قليل، ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسول الله، ولا أن يعزوا دينه، ولا أن يدفعوا عن أنفسهم ضيما4 عموا به، حتى إذا أراد [الله] بكم الفضيلة، ساق إليكم الكرامة وخصكم بالنعمة، فرزقكم الإيمان به وبرسوله، والمنع له ولأصحابه، والإعزاز له ولدينه، والجهاد لأعدائه، فكنتم أشد الناس على عدوه حتى استقامة العرب لأمر الله طوعا وكرها، وأعطى البعيد المقادة صاغرا داخرا حتى أثخن الله عز وجل لرسوله بكم الأرض، ودانت بأسيافكم له العرب، وتوفاه الله وهو عنكم راض وبكم قرير عين استبدوا بالأمر دون الناس، فإنه لكم دون الناس.
هذه خطبة سعد بن عبادة، فقد كان يرى أن المهاجرين استبدوا بالأمر، وأن الأنصار أحق بالولاية للأسباب التي ذكرها، مع أن المهاجرين لم يكونوا قد اجتمعوا، ولم يتشاوروا في أمر الخلافة، ولم يقرروا شيئا، ولا شك أن هذه الخطبة حازت استحسان الأنصار، ولا سيما الخزرج، فأجابوا بأجمعهم أن قد وفقت في الرأي، وأصبت في القول، ولن نعدو ما رأيت، نوليك هذا الأمر فإنك فينا مقنع، ولصالح المؤمنين رضا.
وطبيعي أن يحتج المهاجرون على هذا الكلام فقالوا: نحن المهاجرون وأصحاب رسول الله