فتح اللامَ الأوُلى من "الناس"، لأنّهم مستغاث بهم، وكسر الثانية لأنّه مستغاثٌ من أجله.
ومنه ما يُرْوَى أنّ عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، لمّا ضربه العَلْجُ قال: "يا لَلَّهِ لِلمسلمين". وموضعُ هذه اللام المفتوحة نصبٌ، والعاملُ فيها العاملُ في المنادَى المضافِ النصبَ، وهو ما ينوب عنه حرفُ النداء من الفعل، فإذا قال: "يا لِزيد"، فكأنّه قال: أدعوكم لِزيد، وكانت (?) اللامُ المكسورةُ مفعولاً ثانيًا، وأمّا قوله [من الخفيف]:
يا لَعَطّافِنا ويا لَرِياحِ
فهو إشارةٌ إلى قول الشاعر، وهما من أبيات الكتاب:
يا لَقَوْمِي مَنْ لِلعُلا والمَساعِي ... يا لَقَوْمي مَن للنَّدَى والسَّماح
يا لَعَطافِنا ويا لَرِياحِ ... وأبي الحَشْرَجِ الفَتَى النَفّاحِ (?)
يَرْثِي رجالاً من قومه، هذه أسماؤُهم، يقول لم يَبْقَ: للعُلا والمساعي مَن يقوم بهما بعدَهم.
والنَّفّاح: الكثيرُ العَطاءِ، ويُروى الوَضاح من الوَضَح، وهو البَياض، كأنّه أبيضُ الوجهِ لكَرَمِه.
وأمّا دخول اللام للتعجّب، فنحو قولهم: "يا لَلماء"، كأنّهم رأوا عَجَبًا وماء كثيرًا، فقالوا: "تَعالَ يا عجبُ ويا ماءٌ فإنّه من إبّانك ووَقْتِك".
وقالوا: "يا لَلدواهِي"، أي: تَعالَيْنَ، فإنّه لا يُستنكر لكُن لأنّه من أحْيانِكنّ، وكلُّ قولهم هذا في معنَى التعجّب والاستغاثةِ، ومثلُه قول الشاعر [من الطويل]:
190 - لَخُطّابُ لَيْلَى يا لَبُرْثُنَ مِنْكُمُ ... أَدَلُّ وأَمْضَى من سُلَيْكِ المَقانِبِ