باتخاذهم شفعاء وعبادتهم وموالاتهم من دون الله، فقلب النبي صلى الله عليه وسلم زعمهم الكاذب، وأخبر أن سبب الشفاعة تجريد التوحيد، فحينئذ يأذن الله للشافع أن يشفع فيه.

ومن جهل المشرك اعتقاده إن اتخذ من دون الله شفيعا أن يشفع له وينفعه، كما يكون عند خواص الملوك والولاة، ولم يعلموا أن الله لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، ولا يأذن في الشفاعة إلا لمن رضي قوله وعمله، كما قال تعالى في الفصل الثاني: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى} [سورة الأنبياء آية: 28] . وبقي فصل ثالث، وهو: أنه ما يرضى من القول والعمل إلا التوحيد، واتباع الرسول، وعن هاتين الكلمتين يسأل الأولون والآخرون، كما قال أبو العالية:

(كلمتان يسأل عنهما الأولون والآخرون: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟) . فهذه ثلاثة أصول، تقطع شجرة الشرك من قلب من وعاها وعقلها:

فالأول: أنه لا شفاعة إلا بإذنه.

والثاني: أنه لا يأذن إلا لمن رضي قوله وعمله.

والثالث: أنه لا يرضى من القول والعمل إلا توحيده واتباع رسوله.

وقد قطع سبحانه الأسباب التي يتعلق بها المشركون قطعا يعلم من تأمله وعرفه أن من اتخذ من دون الله وليا، أو شفيعا فهو كمثل العنكبوت اتخذت بيتا، فقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015