مِنْ ظَهِير وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ٍ} [سورة سبأ آية: 22] . فالمشرك إنما يتخذ معبوده لما يحصل له به من النفع.

والنفع لا يكون إلا لمن فيه خصلة من هذه الأربع: إما مالك لما يريد عابده منه ; فإن لم يكن مالكا كان شريكا للمالك، فإن لم يكن شريكا كان معينا وظهيرا، فإن لم يكن معينا ولا ظهيرا كان شفيعا عنده؟ فنفى سبحانه وتعالى المراتب الأربع، نفيا مرتبا منتقلا من الأعلى إلى ما دونه، فنفى الملك، والشرك، والمظاهرة، والشفاعة التي يطلبها المشرك؛ وأثبت شفاعة لا نصيب فيها لمشرك، وهي: الشفاعة بإذنه. فكفى بهذه الآية برهانا، ونورا، وتجريدا للتوحيد، وقطعا لأصول الشرك ومواده، لمن عقلها.

والقرآن مملوء من أمثالها ونظائرها، ولكن أكثر الناس لا يشعر بدخول الواقع تحته، ويظنه في قوم قد خلوا من قبل، ولم يعقبوا وارثا، وهذا هو الذي يحول بين القلب وفهم القرآن. ولعمر الله إن كان أولئك قد خلوا، فقد ورثهم من هو مثلهم، أو شر منهم، أو دونهم، وتناول القرآن لهم كتناوله لأولئك. ولكن الأمر كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة، إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية والشرك ". وما عابه القرآن وذمه، ووقع فيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015