ولهذا اتفق العلماء كلهم على أن من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم، ويتوكل عليهم، ويسألهم، فقد كفر لأن هذا كفر عابدي الأصنام، قائلين: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [سورة الزمر آية: 3] .
ثم شهد عليهم بالكذب والكفر، فقال: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [سورة الزمر آية: 3] . فهذا حال من اتخذ من دون الله أولياء، يزعم أنهم يقربونه إلى الله، وقال: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [سورة يونس آية: 18] .
وقد أنكره الله في كتابه وأبطله، وأخبر أن الشفاعة كلها له، وأنه لا يشفع عنده أحد إلا لمن أذن له أن يشفع فيه، ورضي قوله، وعمله، وهم أهل التوحيد الذين لم يتخذوا من دون الله شفعاء، فإنه سبحانه يأذن في الشفاعة لهم، حيث لم يتخذوا من دون الله شفيعا، فيكون أسعد الناس بشفاعة الشفعاء صاحب التوحيد، الذي حقق قول لا إله إلا الله.
والشفاعة التي أثبتها الله ورسوله هي: الشفاعة الصادرة عمن أذن له، لمن وحّده، والشفاعة التي نفاها الله: الشركية التي يظنها المشركون، فيعاملون بنقيض قصدهم، ويفوز بها الموحدون.
فتأمل قوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة، وقد سأله: " من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال: من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه " 1، فجعل أعظم الأسباب التي ينال بها الشفاعة تجريد التوحيد، عكس ما اعتقد المشركون، أن الشفاعة تنال