ولعله بالتأمل يتبين أن عبدالرحمن بن يربوع هذا الذي لم يسمع منه ابن المنكدر غيرُ عبدالرحمن بن سعيد بن يربوع الذي صرَّح بالسماع منه، بل هما اثنان:
1 - عبدالرحمن بن يربوع، قال البزار -في مسنده (1/ 144) -: (وعبدالرحمن بن يربوع قديم ... ، أدرك الجاهلية)، وقال البغوي -في معجم الصحابة (4/ 501) -: (بلغني أنه ولد على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)، وهذا اختلافٌ بينهما يدل على أنه رجل متقدم الطبقة، وقد ترجمه المصنِّفون في الصحابة في كتبهم.
2 - عبدالرحمن بن سعيد بن يربوع، وهو تابعيٌّ متأخرٌ عن الأول، قال ابن سعد -في الطبقات (5/ 150) - وابن حبان -في الثقات (5/ 78) -: (توفي في سنة تسع ومائة وهو ابن ثمانين سنة)، قال ابن حجر -في الإصابة (5/ 178) -: (فعلى هذا يكون مولده في خلافة عمر -رضي الله عنه-)، وفي هذا نظر، فكلام ابن سعد وابن حبان يدل على أنه ولد سنة 29، بينما خلافة عمر ختمت باستشهاده -رضي الله عنه- عام 23.
ثم يؤيد التفريق بين الاثنين: أن الأول يروي عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- مباشرة، والثاني يروي عن أبي بكر بواسطة جبير بن الحويرث -كما هو ظاهر في الحديث المخرَّج هنا-.
وكلام البخاري والترمذي في عدم سماع ابن المنكدر من عبدالرحمن بن يربوع= كان عقب حديث: «العج والثج»، وهو من رواية عبدالرحمن بن يربوع، عن أبي بكر، وعبدالرحمن هذا هو الأول؛ فالحكم بعدم سماع ابن المنكدر منه مستقيم، ولا يؤثر فيه تصريح ابن المنكدر بسماعه من الثاني.
ومما يُستأنس به استئناسًا: قول الواقدي -كما في طبقات ابن سعد (7/ 440 ط. الخانجي) -: (سمع محمد بن المنكدر من جابر بن عبدالله ... , وعبدالرحمن بن سعيد بن يربوع).
غير أنه قد روي هذا الحديث بالتصريح بالسماع في طبقات إسناده عند ابن أبي شيبة وأحمد في العلل ومحمد بن المثنى مما روِّيه ابن حزم؛ فيما تقدم.
وكذلك في قصة علي بن المديني والحميدي التي خطَّأ فيها ابنُ عيينة المنكدرَ بن محمد بن المنكدر، فقد قال فيها: (إنما قال ابن المنكدر: أخبرني سعيد بن عبدالرحمن بن يربوع).
والله أعلم.
ـ[عبد الله الحمراني]ــــــــ[14 - عز وجلec-2010, مساء 07:57]ـ
أحسن الله إليكم يا شيخ محمد لا عدمنا فوائدكم
ـ[عبدالرحمن بن شيخنا]ــــــــ[20 - عز وجلec-2010, مساء 05:33]ـ
الشيخ عبد الله الحمراني حفظك الله واصل أسعدك في الدنيا والآخرة
الشيخ محمد بن عبد الله دمت موفقا ومفيدا بارك الله فيك