ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:27 م]ـ

كليات العلوم في القرآن:-

سبق أن القرآن قد حوى كليات المعاني التي تتعلق بالعلوم أكثر مما حوى جزئياتها وتفاصيلها، ولما كان الدين متعلقاً بحياة الناس فقد حوى القرآن كل ما يتعلق بهذه الحياة؛ فهو مع قلة حجمه تضمن - بالإجمال - العلوم الكثيرة التي تقصر الألباب البشرية عن إحصائها

والقرآن في الغالب يذكر الأمور الأساسية الكلية حتى في شأن الدين، وقد روى الدارقطني أن رسول الله ( r) سئل: (أفريضة الوضوء من القيء؟ قال: لو كان فريضة لوجدته في القرآن) وهذا الحديث يبين أن القرآن يذكر الأمور الأساسية الكلية من العلم لا الثانويات ولا التفاصيل والجزئيات، ثم تأتي في المرحلة الثانية السنة لتفصل المجمل من القرآن وتفرّع الكليات إلى جزئيات؛ ولهذا قال سعيد بن جبير: (ما بلغني حديث عن رسول الله ( r) على وجهه إلا وجدت مصداقه في القرآن).ثم يأتي في المرحلة الثالثة دور العلماء والمجتهدين في العلم ليزداد هذا العلم تفصيلاً وتتبين فروعه وجزئياته، والقرآن قد قلّل الأحكام وجاء بأصولها وترك التفاريع للسنة ثم لسائر المجتهدين الذين يفرّعون من تلك الفروع؛ ولهذا قال الإمام الشافعي (ما تقوله الأمة (أي علماؤها) شرح للسنة وجميع ما في السنة شرح للقرآن

وإذا كان من طبيعة القرآن ذكر الأصول والكليات فينبغي أن ينظر في ذلك أيضا عن علاقة العلوم بالقرآن بصورة منضبطة.

ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:27 م]ـ

ربط المقاصد القرآنية بالعلوم:-

إن القرآن العظيم كتاب إلهي شامل قد حوى كل حاجات الإنسان الدنيوية والأخروية، وهو -كما سبق - يشير إلى تفاصيل بعض العلوم ويشير إلى بعض الكليات ويشير كثيراً إلى مقاصد لها تعلق ببعض العلوم أيضاً؛ فما من أمر من أمور الإنسان إلا وفي القرآن الدليل إلى سبيل الهدى فيه. ولا شك أن أحكام القرآن وإرشاداته وتعاليمه إنما جاءت لجلب المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها فما من مصلحة من مصالح الإنسان إلا وفي القرآن إرشاد إليها وتنبيه عليها.

وقد جاء القرآن بقصص وأحكام وأوامر ونواه، وكل هذه الأمور يمكن أن تشكل قوانين عامة وسنناً مطردة، والقرآن لا يحكي ما يحكي من قصص لغرض فني مجرد وإنما لاستخلاص العبر التي يتأتى استخلاصها بمعرفة العلل والأسباب التي تشكل تلك القوانين والسنن، وقد اهتم القرآن العظيم اهتماماً كبيراً بتأسيس الحياة الاجتماعية وما ينشأ فيها من علاقات مختلفة، وبّين القواعد التي تصوغ التفاعل الاجتماعي في كافة أشكاله وحدّد الأهداف والوسائل التي تمكّن من تحقيق هذه الأهداف.

ولا شك أن استخلاص السنن والقوانين الاجتماعية القرآنية ليس بالأمر اليسير الذي يستطيع أن يقول فيه كل من شاء ما شاء؛ بل لا بد من مختصين يحللون عوامل الربط والتسبيب والاطراد والانتظام في الظواهر الاجتماعية فضلا عن المعرفة بقوانين الاستنباط من الواقع من جهة ومن القرآن من جهة أخرى؛ وذلك يقتضي المعرفة الدقيقة بالمفاهيم الاجتماعية القرآنية الكلية وما يندرج تحتها من مفاهيم جزئية أو أقل كلية وما ينشأ من تفاعلات بين هذه المفاهيم التي تترتب بصورة منهجية فتشكل النظريات المفسرة للفعل الاجتماعي.

وإذا كان استخلاص المقاصد والعلل والأسباب التي تشكل القوانين والسنن العلمية لا يتأتى إلا بفهم نصوص القرآن ومعرفة معانيها ومراميها وأهدافها - فقد يذكر القرآن نفسه تلك المقاصد والعلل صراحة في بعض الأحيان، وقد يستنبطها المجتهد بطرق الاستنباط المنضبطة، ومن العلل والمقاصد التي ذكرها القرآن في شأن المال قوله: (كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ) وهذه الآية - كما ذكر ابن عاشور – يمكن أن تشكل قاعدة يؤخذ منها تفاصيل علم الاقتصاد السياسي وتوزيع الثروة العامة ويمكن أن تعلَّل بها الزكاة والمواريث وسائر المعاملات المالية

ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:28 م]ـ

الرؤية الكونية القرآنية العامة وعلاقتها بالعلوم:-

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015