مغلوط والنظرية متهافتة، وكل ذلك مخالف لعموم القرآن والسنة. وقد ذهب توماس روبرت مالتوس في نظريته هذه إلى أن النمو السكاني يتم بموجب متوالية هندسية، بينما يتزايد معدل إنتاج الغذاء -المعبر عنه اقتصاديا بالناتج المحلي الإجمالي– بموجب متوالية عددية، وقد ذهب مالتوس إلى أنه طالما أن الموارد الاقتصادية بطبيعتها نادرة ومحدودة مهما أدخلت عليها من تحسينات وإضافات رأسية أو أفقية _ فإن من الطبيعي أن يأتي وقت ما لا تجد فيه الأعداد المتزايدة والمتكاثرة من البشر كفايتها الحدية من إنتاج الموارد الاقتصادية طالما تعدت نسبة النمو السكاني نسبة النمو في الناتج المحلي السنوي، ومعنى ذلك أن سبب الفقر هو البشر الذين يتكاثرون بسرعة كبيرة جداً؛ ولأجل ذلك اقترح مالتوس تخفيض الولادات أو العقم كوسيلة لتحسين أوضاع الفقراء. وقد حاول علماء اجتماع غربيون متعددون؛ أمثال”فوفت” - بناء على المالتوسية - إثبات أن الحروب والكوارث والأوبئة هي الوسيلة المثلى لتحسين الظروف البشرية؛ لأنها تقضي على فائض السكان؛ وبذلك تؤدي الحروب والأوبئة وظيفة اجتماعية ممتازة، وذهب آدم مورد ( صلى الله عليه وسلمdam Moord) إلى وجوب حرمان الفقراء من المسكن؛ لإيقاف عملية تزايدهم، ولكن رغم كل ذلك إلا أن نظرية تحديد النسل هذه إنما هي نظرية أحادية الجانب تبحث في جزء ضيق من الواقع وتغفل عوامل أساسية كثيرة فيه؛ ولهذا واجهت هذه النظرية العديد من الحجج التي تدخضها ونهدم أبنيتها؛ ومن ذلك رد (ميشيل توماس سادلر) الذي نشر مؤلفاً من مجلدين تحت عنوان (قانون السكان)، وفد جاء ثلث هذا المؤلف لمعارضة هذه النظرية التي تغفل الجانب العمري للسكان؛ فالعلاقة التي حددتها نظرية مالتوس قائمة على حركة نمو المجتمع وثبات إنتاج الغلة، وهذه علاقة غير حقيقية؛ إذ أن إنتاج الغلة قائم على عدة عناصر متحركة وليست ثابتة، هذا فضلا عن التوسع في استغلال الأراضي والمياه والبذور وقوة الإنتاج وساعات العمل.كما أن للتطور العلمي في وسائل الإنتاج دوره الواضح في تحسين الغلة والإنتاجية. وقد رأى البعض أنّ التزايد السكاني ظاهرة إيجابية في الإنتاج؛ إذ أن زيادة عدد السكان هي التي تخلق زيادة في الإنتاج وليس العكس، ولهذا فإنّ تحديد النسل يعدّ بداية لمشكلة الإنتاج، وليس حلاً لها؛ ولذلك ذهبوا إلى رفض فكرة تحديد النسل رفضاً قاطعاً. وقد جاء في القرآن أن على الله رزق كل إنسان أو حيوان؛ فالموارد غير نادرة، والرزق ليس بضيق؛ إذ أن الله لما خلق الأرض ـ بارك فيها وقدّر فيها أقواتها وخلق للإنسان ما فيها جميعا وسخره له وسخر له الأنهار والبحار التي هي ثلاثة أرباع الكرة الأرضية وما فيها من أشياء وأحياء، وعلى أساس هذا الضمان كانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى التكاثر: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم) وكان صلى الله عليه وسلم ينهى عن التبتل وعدم الزواج نهيا شديدا؛ لأن كثرة النسل تقوي الأمة، والحق أن تجارب الدول الغربية تؤكد بطلان نظرية مالتوس؛ إذ تضاعف سكان أوربا منذ أن صدع (مالتوس) بنظريته هذه عدة مرات، ولم يسبب ذلك المسغبة أو المجاعات التي كان ينذر بها، بل على العكس من ذلك تماما؛ إذ زاد الإنتاج حتى بلغ الفائض من الطعام حدا جعل الحكومات تقوم بحرق الفائض منه أو تنبذه في البحر حتى لا ينخفض السعر في السوق العالمي، ولأجل ذلك أصبحت دول كثيرة تدعو إلى زيادة النسل. وفكرة مالتوس المتهافتة هذه والتي تدعو إلى تخفيض الكثافة السكانية بالإجهاض والعقم بل وبالحروب أيضاً كما هو الأمر عند ”فوفت” لا يوافقها إلا تلك الفكرة البدائية التي عابها القرآن على أهل الجاهلية فقال: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا) بل من الواضح جداً أن المالتوسية لهي أكثر شناعة من الفكرة الجاهلية نفسها.

ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:49 م]ـ

ب- التناسب الخارجي:-

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015