فإذا ثبت أن حفظ المعنى الصحيح للشريعة لا بد أن يكون معروفا ولو لبعض الأمة، ثبت أن الحق لا يخرج عن هذه الأمة، وهو المطلوب.

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 Sep 2008, 05:19 ص]ـ

قوله تعالى: {لعلمه الذين يستنبطونه منهم}

وجه الدلالة أن الله عز وجل أخبر أن العلم لا بد أن يقع لمن يستنبط، بغض النظر عن كون هذا العلم لبعض المستنبطين أو لجميع المستنبطين.

فالمهم أن بعضهم لا بد أن يعرف الحق، وأن الحق لا يمكن أن يخرج عن جميع أقوالهم، وهو المطلوب.

ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[11 Sep 2008, 05:41 ص]ـ

قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}

وجه الدلالة أن الله عز وجل أخبر أن الذكر محفوظ، وبغض النظر عن تفسير الآية، إلا أنه مما لا يشك فيه عاقل أن المراد ليس حفظ الرسوم والحروف فقط دون المعاني؛ لأن الكافر لا يعجز أن يقول لك: أنا أؤمن بهذا القرآن على أنه حروف ورسوم فقط، ولكن لا يلزمني أن أؤمن بمعاني آياته ولا بأحكامه.

فإذا كان من المحال أن يكون هذا صحيحا، ثبت أن المراد بحفظ الذكر حفظه لفظا ومعنى، والآن نسأل: قد عرفنا حفظ اللفظ، فكيف يكون حفظ المعنى؟

حفظ المعنى معناه أن تكون معاني الآيات معروفة ولو لبعض الأمة، ولا يمكن أن يتم حفظ المعنى بأن يخفى المعنى الصحيح عن جميع الأمة، وإلا لم يكن المعنى محفوظا.

فإذا ثبت أن حفظ المعنى الصحيح للشريعة لا بد أن يكون معروفا ولو لبعض الأمة، ثبت أن الحق لا يخرج عن هذه الأمة، وهو المطلوب.

إضافة حول المعنى:

حفظ بيان الألفاظ، وحفظ بيان الأحكام، والأول بحفظ اللغة وما إليها، والثاني بحفظ السنة والأثر [1]، ولكن العلم بهما يحفظ بحفظ العلماء، ولهذا السبب كان ذهاب العلماء ذهاب العلم، مع وجود القرآن والسنة في أيدي الناس. وفي هذا يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: كنّا مع رسول الله فشخص ببصره إلى السماء، ثم قال: ((هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء))، فقال زياد بن لبيد الأنصاريّ: يا رسول الله، وكيف يختلس منّا، ونحن نقرأ القرآن، فوالله لنقرأنّه ولنقرئنّه نساءنا وأبناءنا، فقال: ((ثكلتك أمّك يا زياد، إن كنت لأعدك من فقهاء المدينة، أوليس هذه اليهود والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل، لا يعملون بشيءٍ ممّا فيهما؟))

===============================

[1] قال تعالى ((فإذا قرأناه فاتبع قرآنه * ثم إن علينا بيانه))، ثم قال تعالى في موضع آخر ((لتبين للناس ما نزل إليهم))، فاتضح أن البيان الذي جعله الله من شأنه (علينا بيانه) هو البيان الذي أفاضه على نبيه وأجراه على لسانه، وفي هذا دليل من القرآن على حجية السنة وأنها وحي، إلا أنه غير متلو.

ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[11 Sep 2008, 05:55 ص]ـ

ومن الأدلة:

((وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء)) الآية

وجه الاستدلال:

أنه إذا كان الحق مع عوام الناس ومساكينهم (وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي) ممن لا علم راسخ لديهم ولا فقه بأسرار الشريعة (بادي الرأي) ومع ذلك يؤمر الوجهاء من القوم وأهل الأحلام منهم - في الظاهر - بتقليد هؤلاء ومحاكاة صنيعهم والسير في طريقهم، أفلا يكون اتباع جماعة العلماء المجتهدين العارفين، لا سيما مع اتفاقهم على أمر ما، أولى وأحرى وآكد، بل أوجب؟

ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[12 Sep 2008, 04:12 ص]ـ

فائدة:

(وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم)

(الأنفال آية 63).

قال الحافظ المجاهد محمد بن علي الكرجي [1] في هذه الآية:

((حجة على قبول الإجماع ولزومه لزوم نص القرآن، إذ محال أن تتفق الألسن على شيء إلا وقد ائتلفت قلوب الناطقين به، لأن الألسنة مترجمة عن الضمائر وما حوتها، وقد أخبر الله تعالى كما ترى أنه مؤلفها)).

==============================

[1] من كتابه الجامع للفوائد العزيزة وجواهر التدبر الثمينة: "نكت القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام"، ص474، ت. الدكتور/ علي بن غازي التويجري وآخرين. انظر حول نفاسة هذا الكتاب تعليق الدكتور مساعد الطيار: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=2661&highlight=%صلى الله عليه وسلم4%عز وجلF%Cصلى الله عليه وسلم+%C7%صلى الله عليه وسلم1%عز وجلصلى الله عليه وسلم%عز وجل1%C2%صلى الله عليه وسلم4+%C7%صلى الله عليه وسلم1%CF%C 7%صلى الله عليه وسلم1%C9+%C7%صلى الله عليه وسلم1%C8%صلى الله عليه وسلمعز وجل%C7%صلى الله عليه وسلم4

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 Sep 2008, 04:41 ص]ـ

فائدة نفيسة من العلامة القصاب رحمه الله.

وبفضل من الله ومنة، انتهيت من قراءة هذا الكتاب، واستخرجت الفوائد منه وما بقي إلا كتابتها على الوورد، وقد رجعت إلى نسختي فوجدت علامة كبيرة على هذه الفائدة الرائعة، فأسأل الله التيسير في تيسير هذه الفوائد.

والكرجي القصاب رحمه الله من أكثر الظاهرية اعتدالا، ومن أوسعهم علما بالعربية، ويندر أن تجد في كلامه شذوذا، ومن نفيس كلامه قوله عن الظاهر (1/ 393):

(( ... وبلية القوم [يعني المبتدعة] إضاعة النصح لدين الله، واتخاذ كل ما احتمله ظاهر الكلام دينا ولا يحفلون بتناقضه عليهم، ولا يعرفون مع ذلك سعة لسان العرب وتصاريف الكلام وتعارضه، إذ في الكلام ما يحتمل وجوها مستعملة كلها، وفيه ما يحتمل وجهين لا يجوز استعمال أحدهما، وفيه ما لا يجوز استعمال ظاهره بتة ... )).

ومعذرة من الاستطراد.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015