وخاطر خنث الأشواق تعجبه ... سوالف الترك في عطف الأعاريب

كأنني لوجوه الغيد معتكف ... ما بين أصداغ شعر كالمحاريب

كأنني الشمع لما بات مشتعل الفؤاد قال لأحشائي ألا ذوبي

لا يقرب الصبر قلبي أو يفارقه ... كأنه المال في كف ابن أيوب

لولا ابن أيوب ما سرنا لمغترب ... في المكرمات ولا فزنا بمرغوب

دعا المؤيد بالترغيب قاصده ... فلو تأخر لاستدعي بترهيب

ملك إذا مر يوم لا عفاة بهِ ... فليس ذلك من عمر بمحسوب

للجود والعلم أقلام براحته ... تجري المقاصد منها تحت مكتوب

مجموعة فيه أوصاف الألى سلفوا ... كما تترجم أخبار بتبويب

إذا تسابق للعلياء ذو خطر ... سعى فأدرك تبعيداً بتقريب

وإن المال إلى الهيجاء سمر قنا ... أجرى دماء الأعادي بالأنابيب

قد أقسم الجود لا ينفك عن يده ... إلا لعافيه أو للنسر والذيب

أما حماه فقد أضحى بدولته ... ملاذ كل قصي الدار محروب

غريبة الباب تقري من ألم بها ... فخل بغداد واترك بابها النوبي

وانعم بوعد الأماني عند رؤيته ... فإن ذلك وعد غير مكذب

وأعجب لأيدي جواد قط ما سئمت ... إن البحار لآباءُ الأعاجيب

كل العفاة عبي في صنائعه ... ودار كل عدو دار ملحوب

يامانحي منناً من بعدها منن ... كالماء يتبع مسكوباً بمسكوب

من كان يلزم ممدوحاً على غرر ... فما لزمتك إلا بعد تجريب

أنت الذي نبهت فكري مدائحه ... ودربتني والأشيا بتدريب

حتى أقمت قرير العين في دعة ... وذكر مدحك في الآفاق يسري بي

مدح يغار لمسود المداد به ... (حمر الحلى والمطايا والجلابيب)

وقال يمدحه:

عوض بكأسك ما أتلفت من نشب ... فالكأس من فضة والراح من ذهب

وأخطب إلى الشرب أم الدهر إن نسبت ... أخت المسرة واللهو ابنة العنب

غراء حالية الأعطاف تخطر في ... ثوب من النور أو عقد من الحبب

عذراء تنجز ميعاد السرور فما ... تومي إليك بكف غير مختضب

مصونة تجعل الأستار ظاهرة ... وجنة تتلقى العين باللهب

لو لم يكن من لقاها غير راحتنا ... من حرفة المتعبين العقل والأدب

فهات واشرب إلى أن لا يبين لنا ... أنحن في صعد نستن أم صبب

خفت فلو لم تدرها كف حاملها ... دارت بلا حامل في مجلس الطرب

يا حبذا الراح للأرواح سارية ... تقضي بسعد سراها أنجم الحبب

من كف أغيد تروي عن شمائله ... عن خده المشتهى عن ثغره الشنب

حمالة الحلي والديباج قامته ... تبت غصون الربى حمالة الحطب

يا تالي العذل كتباً في لواحظه ... (السيف أصدق أنباء من الكتب)

كم رمت كتم الهوى فيه فنمّ به ... إلى الوشاة لسان المدمع السرب

جادت جفوني بمحمر الدموع له ... جود المؤيد للعافين بالذهب

شادت عزائم اسماعيل فاتصلت ... قواعد البيت ذي العلياء والرتب

ملك تدلك في الجدوى شمائله ... على شمائل آباء له نجب

محجب العز عن خلق تحاوله ... وجود كفيه باد غير محتحب

قد أتعب السيف من طول القراع به ... فالسيف في راحة منه وفي تعب

تلقاه للحلم معنى في خلائقه ... لا تستطيل إليه سورة الغضب

يغضي عن السبب المردي بصاحبه ... عفواً ويعطي العطا جماً بلا سبب

ويحفظ الدين بالعلم الذي اتضحت ألفاظه فيه حفظ الأفق بالشهب

يمم حماه تجد عفواً لمقترف ... مالاً لمفتقر، جاهاً لمقترب

ولا تطع في السرى والسير ذا عذل ... واعكف بذلك الثرى الملثوم واقترب

وعذ من الخوف والبؤسى بذي همم ... مدائح فيه عند الله كالقرب

نوع من الصدق مرفوع المنار غدا ... في الصالحات من الأعمال في الكتب

وواهب لو غفلنا عن تطلبه ... لجاءنا جوده الفياض في الطلب

أسدى الرغائب حتى ما يشاركه ... في لفظها غير هذا العشر من رجب

واعتاد أن يهب الآلاف عاجلة ... وإن سرى لالوف الجيش لم يهب

كم غارة عن حمى الإسلام كفكفها ... بالضرب والطعن أو بالرعب والرهب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015