إنما حلي للمحبين البكا ... أي فضل لسحاب لا يسح

ما نداماي وأيام الصبا ... هل لنا رجع وهل للعمر فسح

بصحتك المزن يا دار اللوى ... كان لي فيها خلاعات وشطح

حيث لي شغل بأجفان الظبا ... ولقلبي مرهم منها وجرح

كل عيش ينقضي ما لم يكن ... مع مليح ما لذاك العيش ملح

وبذات الطلح لي من عالج ... وقفة أذكرها ما اخضل طلح

حيث منا الركب بالركب التقى ... وقضى حاجاته الشوق الملح

لا أذم العيس للعيس يد ... في تلاقينا وللأسفار نجح

قربت منا فماً نحو فمً ... فاعتنقنا والتقى كشح وكشح

تزودت شذاً من مرشفٍ ... بفمي منه إلى ذا اليوم نفح

وتعاهدنا على كأس اللمى ... وإنني ما دمت حياً لست أصحو

يا ترى هل عند من قد رحلوا ... أن عيشي بعدهم كد وكدح

كم أداوي القلب قلت حيلتي ... كلما داويت جرحاً سال جرح

وكم أدعو ومالي سامع ... فكأني كلما أدعو أبح

حسنوا القول وقالوا غربة ... إنما الغربة للأحرار ذبح

أشتكي برح الجوا إن لم يرى ... كابن فروخ لم يشك برح

أين من كان لعاب سيفه ... ما له إلا بأعلى القرن مسح

فاذا قيل ابن الفروخ أتى ... سقطوا لو أن ذاك القول مزح

كل من أسره من رعيه ... نومه اليوم بظل السيف سدح

بأبي أفدي أميري إنه ... صادق القول نقي العرض سمح

كل ما قد قيل في ترجيحه ... في الندى أو في الوغى فهو الأصح

كم طروس بالقنا يكتبها ... وسطور بلسان السيف يمحو

يا عروس السيف والخيل له ... من قراع الخيل والأبطال صدح

يا رجال الخيل والحرب لها ... في حياض الموت بالأبطال سبح

خط سيف الجود في حظي الذي ... هو كالدهر يمني ويشح

أنقذني واتخذني بلبلاً ... صدح بين يدي علياك مدح

طالع الأدبار مالي وله ... إن يكن من كوكب الإقبال لمح

كل بيت في العلا أنحته ... من نضيد الدر والياقوت صرح

ناطق عني بالفضل الذي ... إن تبارى فله في الفوز قدح

بقواف كسقيط الطل أو ... إنها من وجنات الغيد رشح

خلقت طوع يدي كيما ترى ... إنها كمن يتبعها وهي تشح

وله أيضاً:

رأى اللوم من كل الجهات فراعه ... فلا تنكروا إعراضه وامتناعهُ

ولا تسألوه عن فؤادي فإنني ... علمت يقيناً أنه قد أضاعه

له الله ظبياً كل شييء يروعه ... فيا ليت لي شيئاً يزيل ارتياعه

ويا ليته لو كان من أول الهوى ... أطاع عزولي واكتفينا نزاعه

فما راشنا بالسوء إلا لسانه ... وما خرب الدنيا سوى ما أشاعه

أشاع الذي أغرى بنا ألسن العدى ... وطير عن وجه التغالي قناعه

وأصبح من أهوى على فيه قفلة ... يكتم خوف الشامتين انفجاعه

وآلى على أن لا أقيم بأرضه ... وأحرمني يوم الفراق وداعه

فرحت وسيري خطوة والتفاتة ... إلى فائت منه أرجي ارتجاعه

ذرعت الفلا شرقاً وغرباً لأجله ... وصيرت أخفاف المطي ذراعه

فلم يبق أرض ما وطئت بساطها ... ولم يبق بحر ما رفعت شراعه

كأني ضمير كنت في خاطر النوي ... أحاط به واشي السرى فأذاعه

أخلاي من دار الهوى زارها الحيا ... ومد إليها صالح الغيث باعه

بعيشكم عوجوا على من أضاعني ... وحيوه عني ثم حيوا رباعه

وقولوا فلان أوحشتنا نكاته ... وما كان أحلى شعره وابتداعه

فتى كان كالبنيان حولك واقفاً ... فليتك بالحسنى طلبت اندفاعه

أبحت العدى سمعاً فلا كانت العدى ... متى وجدوا خرقاً أحبوا اتساعه

فكنت كذى عبد هو الرجل والعصى ... تجنى بلا ذنب عليه فباعه

لكل هوى واش وإن ضعضع الهوى ... فلا تلم الواشي ولم من أضاعه

إذ كنت تسقى الشهد ممن تحبه ... فدع كل ذي عذل يبيع فقاعه

وقولوا رأينا من حمدت افتراقه ... ولم ترنا من لم تذم اجتماعه

وإني الذي كالسيف حداً وجوهراً ... لمن رام يبلو ضره وانتفاعه

وما كنتما إلا يراع وكاتبا ... فملا وألقى في التراب يراعه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015