وباستقراء تاريخ الأمة الإسلامية نجد فيها صفحات مشرقة لجيل من الأجيال كانوا قبل إسلامهم غاية في الغرابة والجاهلية، ثم تبدل حالهم وتغير تغييرا جذريا ليصبحوا عبيدا لله عز وجل ويعملون من أجله، ويضحون في سبيل مرضاته بالغالي والنفيس .. ذلكم هو جيل الصحابة رضوان الله عليهم.

من يصدق أن أمة تعيش في الصحراء بلا مقومات تذكر .. تغرق في الجاهلية .. لا شأن لها بين الأمم .. لم يفكر أحد في احتلالها أو وضعها في حساباته أصلا.

هذه الأمة كانت أشتاتا متفرقة، تثور بينها الحروب لأتفه الأسباب أصبحت في سنوات معدودة تقود البشر وتحطم الإمبراطوريات .. تغيرت اهتمامات أبنائها، فأصبح الله عز وجل هو غايتهم ومقصدهم.

صدقوا معه سبحانه وتعالى، ونصروه على أنفسهم، فغير الله ما بهم، وأعطاهم مفاتيح الأرض وملَّكهم ممالكها.

والأمر اللافت للانتباه أن هذا التغيير لم يكن مقصورا على أفراد بعينهم، بل امتد ليشمل الجيل بأكمله، رجالا ونساء، شبابا وشيوخا.

نماذج عملية:

تأمل معي التغيير الذي حدث لصهيب الرومي والذي حدا به لأن يضحي بماله كله من أجل مرضاة الله .. يقول - رضي الله عنه: لما أردت الهجرة من مكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت لي قريش: يا صهيب قدمت إلينا ولا مال لك وتخرج أنت ومالك، والله لا يكون ذلك أبدا، فقلت لهم: أرأيت إن دفعت لكم مالي تخلون عني؟ قالوا: نعم. فدفعت لهم مالي فخلوا عني، فخرجت حتى قدمت المدينة فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ربح صهيب ربح صهيب مرتين. وفيه نزل قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة/207] (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015