باب قول الله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه}

باب قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} 1 الآية (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أراد المصنف - رحمه الله - بهذه الترجمة الرد على من يتوسل بذوات الأموات، وأن المشروع التوسل بالأسماء الحسنى والصفات العليا، والأعمال الصالحة. وقوله: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} 2 إخبار عن نفسه الشريفة أن له أسماء، وأنها حسنى، يعني قد بلغت الغاية في الحسن، فليس في الأسماء أحسن منها ولا أكمل، ولا يقوم غيرها مقامها؛ لما تدل عليه من صفات الكمال ونعوت الجلال، وتفسير الاسم منها بغيره ليس بمرادف محض، بل على سبيل التفهيم والتقريب، فله سبحانه من كل صفة كمال أحسن اسم وأكمله وأتمه معنى، وأبعده عن شائبة النقص، فله من صفة العليم علمه بكل شيء، دون العالم الفقيه، والسميع سمعه بكل شيء، دون السامع، والرحيم رحمة بالمؤمنين، دون الشفيق، والكريم الجود والكرم دون السخي، وهكذا، فأسماؤه أحسن الأسماء، كما أن صفاته أكمل الصفات، فلا يعدل عما سمى به نفسه إلى غيره، كما لا يتجاوز ما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم إلى ما وصفه به المبطلون، وما يطلق عليه سبحانه من باب الأسماء والصفات توقيفي، بخلاف الأخبار فلا يجب أن يكون توقيفيا. وقوله: {فَادْعُوهُ بِهَا} 3 أي اسألوه وتوسلوا إليه بها، ودعاؤه بها أحد مراتب إحصائها الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: " إن لله تسعة وتسعين اسما، من أحصاها دخل الجنة " 4 متفق عليه.

(المرتبة الأولى) إحصاء ألفاظها وعددها، (الثانية) فهم معانيها ومدلولها. (الثالثة) دعاؤه بها. وهو نوعان: دعاء ثناء وعبادة، ودعاء طلب ومسألة، فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى.

كذلك لا يسأل إلا بها، فيسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضيا لذلك المطلوب، فيكون السائل متوسلا بذلك الاسم، كقول: رب =

طور بواسطة نورين ميديا © 2015