المذهب في كل باب، وتعديد أقوالهم في كل مسألة فجاء كالبرنامج للمذهب (?) وأول من أدخله إلى المغرب ناصر الدين المشدّالي الزواوي البجائي وعن طريق تلاميذه انتشر في سائر أقطار المغرب فانكب التونسيون على تدارسه مع تعاهد كتاب تهذيب المدونة لأبي سعيد البراذعي (?).

في جو هذه التقاليد العلمية تربى وتخرج محمد بن عبد الله بن راشد البكري القفصي المولود بقفصة وبها نشأ وتعلم، ثم رحل إلى تونس فأدرك بها ابن الغمّاز، وحازما القرطاجني وغيرهما، وبرع في العربية والفقه وأصوله، والحساب، والفرائض قال عن نفسه: «قرأت العربية، والفرائض والحساب، وأدركت بتونس جملة من النبلاء وصدورا من النحاة والأدباء، ثم تشاغلت بالأصول والفقه زمانا».

ثم رحل إلى مصر، ونزل بالاسكندرية حيث أخذ عن ناصر الدين الابياري تلميذ ابن الحاجب المأذون له في اصلاح مختصره الفقهي، وأخذ عن ناصر الدين بن المنيّر، وعن الكمال بن التنيسي تهذيب المدونة للبراذعي، وعن ضياء الدين بن العلاف، وقرأ على اللغوي الأديب محيي الدين المازوني المعروف بحافي رأسه، ثم رحل إلى القاهرة ولازم امام المالكية العلامة النظار شهاب الدين القرافي، وقرأ عليه المحصول في أصول الفقه لفخر الدين الرازي، ومختصره الحاصل للأرموي، واجازه بالامامة في علم الأصول، وأذن له في التدريس والافادة، وتردد على العلامة النظار تقي الدين بن دقيق العيد في مختصر ابن الحاجب الفقهي، وحضر دروس شيخ العقليات في عصره الشمس الأصبهاني، واستفاد منه طريقته الرشيقة وأبحاثه الأنيقة وكان يشكر ذهن ابن راشد ويفضله على غيره كما أخذ عن غيرهم «ممن لا يحصى كثرة».

وبعد أن حج سنة 680/ 1282 رجع إلى وطنه وتولى قضاء بلده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015