وكان أشدّ بكر بن وائل له خذلانا بنو لجيم، فقال الزبان في ذلك:

من مبلغ عنيّ الأفاكل مالكا ... وبنى القدار فأين حلفي الأقدم

أبني لجيم من يرجّى بعدكم ... والحيّ قد حربوا وقد سفك الدم

أبني لجيم لو جمحن عليكم ... جمح الكعاب لقد غضبنا نرعم

الجمح: التتابع بعض في أثر بعض، يريد الكعبين اللذين يلعب بهما النرد وغيره.

فجعل الزبان لله عليه نذرا ألا يحرم دم غفيليّ أبدا أو يدلوه كما دلوا عليه، فمكث فيما يزعمون عشر سنين، فبينا هو جالس بفناء بيته إذ هو براكب قال له: من أنت قال: رجل من غفيلة قال: إيت فقد أنى لك «1» ، فأرسلها مثلا، قال الغفيلي: هل لك في أربعين بيتا من بني زهير متبدين بالأقطانتين؟ قال: نعم، فنادى في أولاد ثعلبة فاجتمعوا، ثم سار بهم حتى إذا كان قريبا من القوم بعث مالك بن كومة طليعة ينظر القوم وما حالهم، قال مالك: فنمت وأنا على فرسي فما شعرت حتى غبّت فرسي في مقراة «2» بين البيوت، فكبحتها فتأخرت على عقبها، فسمعت جارية تقول لأبيها: يا أبت أتمشي الخيل على أعقابها؟

قال: وما ذاك يا بنية؟ قالت: لقد رأيت فرسا تمشي على عقبها، قال: يا بنية نامي، أبغض الفتاة تكون كلوء العين بالليل- ورجع مالك إلى الزبان فأخبره الخبر- فأغار عليهم فقتل منهم فيما يذكر نيفا على أربعين رجلا، منهم أبو محياة بن زهير بن تميم، وأصاب فيهم جيرانا لهم من بني يشكر ثم من بني غبر بن غنم، فقال في ذلك مرقش أخو بني قيس بن ثعلبة «3» :

أتاني لسان بني عامر ... فجلت أحاديثهم عن بصر

بان بني الوخم «4» ساروا معا ... بجيش كضوء نجوم السحر

فلم يشعر القوم حتى رأوا ... بريق القوانس فوق الغرر

ففرّقنهم ثم جمّعنهم ... وأصدرنهم قبل غبّ الصدر

فيا ربّ شلو تخطر فنه ... كريم لدى مزحف أو مكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015