فأدركهم عمرو بن الزبان بن مجالد الذهلي، فوثب على كثيف فأسره، فقال مالك بن كومة: أسيري، وقال عمرو بن الزبان: أسيري، فحكما كثيفا في ذلك فقال: لولا مالك ألفيت في أهلي ولولا عمرو لم أوسر، فغضب عمرو فلطم وجه كثيف، فلما رأى ذلك مالك- وكان حليما- تركه في يدي عمرو وكره أن يقع في شرّ، فأنطلق عمرو بكثيف إلى أهله فكان أسيرا عنده حتى اشترى نفسه، وقال كثيف: اللهم إن لم تصب بني زبان بقارعة قبل الحول لا أصلي لك صلاة أبدا.

فمكثوا غير كثير، ثم إن بني الزبان خرجوا، وهم سبعة نفر فيما يزعمون، في طلب إبل لهم، ومعهم رجل من غفيلة بن قاسط يقال له خوتعة، فلما وقعوا قريبا من بني تغلب انطلق خوتعة حتى أتى كثيف بن زهير فقال له: هل لك إلى بني الزبان بمكان كذا وكذا، وقد نحروا جزورا وهم في إبلهم، قال: نعم، فجمع لهم ثم أتاهم، فقال له عمرو بن الزبان: يا كثيف إن في وجهي وفاء من وجهك، فخذ لطمتك مني أو من إخوتي إن شئت، ولا تنشئن الحرب وقد اطفأها الله، ذلك فداؤنا، فأبى كثيف، فضرب أعناقهم وجعل رؤوسهم في الجوالق فعلّقه في عنق ناقة لهم يقال لها الدهيم، وهي ناقة عمرو بن الزبان، ثم خلاها في الإبل، فراحت حتى أتت بيت الزبان بن مجالد، فقال لما رأى الجوالق: اظن بنيّ أصابوا بيض نعام، ثم أهوى بيده في الجوالق فأخرج رأسا، فلما رآه قال: آخر البز على القلوص «1» فذهبت مثلا، وقال الناس: أشأم من خوتعة «2» فذهبت مثلا- أي هم آخر المتاع، أي هذا آخر آثارهم؛ وقال الناس: أثقل من حمل الدهيم «3» فذهبت مثلا.

قال: ثم إن الزبان دعا في بكر بن وائل فخذلوه فقال في ذلك:

بلغا مالك بن كومة ألّا ... يأتي الليل دونه والنهار

كلّ شيء خلا دماء بني ذه ... ل من الحرب ما بقيت جبار

أنسيتم قتلى كثيف وأنتم ... ببلاد بها تكون العشار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015