وقوله:

لم تسم يا هارون إلاّ بعد ما … اقترعت ونازعت اسمك الأسماء (?)

قال فيه أبو الفتح: أراد: لم تسم بهذا الاسم إلاّ بعد ما تقارعت عليك الأسماء، فكلّ أراد أن تسمى به، فخرا بك.

وقال أبو العلاء: أجود ما يتأوّل فى هذا: أن يكون الاسم هاهنا فى معنى الصّيت، كما يقال: فلان قد ظهر اسمه، أى قد ذهب صيته فى الناس، فذكره لا يشاركه فيه أحد، وماله يشترك فيه الناس.

فأمّا أن يكون عنى باسمه هارون، فهذا يحتمله ادّعاء الشّعراء، وهو مستحيل فى الحقيقة؛ لأنّ العالم لا يخلو أن يكون فيهم جماعة يعرفون بهارون.

والذى ذهب إليه أبو الفتح، من إرادته اسمه العلم هو الصّواب. وقول المعرىّ إن الاسم هنا يريد به الصّيت ليس بشىء يعوّل عليه؛ لأنّ قول أبى الطيّب:

«لم تسم» معناه: لم يجعل لك اسم. وأمّا دفع المعرّىّ أن يكون المراد الاسم العلم بقوله: إنّ فى الناس جماعة يعرفون بهارون، فقول من لم يتأمّل لفظ صدر البيت الذى يلى هذا البيت، وهو قوله:

فغدوت واسمك فيك غير مشارك (?)

والمعنى: أنّ اسمك انفرد بك دون غيره من الأسماء، فمعارضته بأنّ فى الناس جماعة يعرفون بهارون إنما تلزم أبا الطيّب لو قال: فغدوت وأنت غير مشارك فى اسمك، فلم يفرق المعرّىّ بين أن يقال: اسمك غير مشارك فيك، وأن يقال:

أنت غير مشارك فى اسمك، فإنما أراد أنّ اسمك انفرد بك دون الأسماء، ولم يرد أنك انفردت باسمك دون الناس، فاللفظان متضادّان كما ترى.

...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015