الموحدين، وأحد العماء الراسخين، الفائق زهدًا وورعًا ودينًا، والسابق حالًا رصيفًا وقالًا رصينًا، شمس سمائه السيادة، سعد إفلال السعادة، جامع مجامع العلوم، الآخذ بحُجَزِ المنطوق والمفهوم، مالك أزمة العِرفان، قائد أعنة الإتقان والإيقان، الناصر للسنة، والصابر في المحنة، الإمام الأعظم والهمام المقدَّم، السّيدُ المبجّل، والسند المفضّل، صاحب الفيض الرباني، والعطاء الرحماني، والإمداد الصمداني، والمقام الإحساني [2 - آ]، الإمام أحمد بن حنبل الشيبانيّ، إمام علت مناقبه وراقت مشاربه وعمّت مواهبه، وأنارت مذاهبه، وطابت أرومته، وشرفت جرثومته، وعظمت أوقاته، وكملت حالاته، وصفت صفاته، وسمت سِماته، وبزغ بدره، وكرم قدره، وصفا من شراب المحبة كاسه، وضفا مورده وضا نبراسه، فهو كما قال القائل:

لا يُدرِكُ الواصفُ المُطري خَصَائِصَهُ ... وإنْ غَدا سابقًا في كلِّ ما وَصَفَا

كيف لا وهو المحيي معالم السنة النبوية، والحافظُ المحافظ على الآثار المحمدية، والذّابُّ عن مشارع الشرع المطهر، بمعرفة المعروفِ المعروفَ، وإنكار المُنكِرِ المنكَرَ، قد فاق علومًا ومعلومًا، وحاكى في الاقتداء والاهتداء نجومًا، لأهل الضلال رُجومًا، لا زال يمين الرضوان تشكل ضريحه وتصافحه، ويمن الرحمات تغادي جدثه وتصابحه، ولا برحت علاليه في الفراديس مرفوعة، وأنواء أنوار معاليه لا مقطوعة ولا ممنوعة:

سقى الله قبرًا ضمَّه وابل الحيا ... وحيّاهُ بالرضوان رضوانُ والحسنى

وألبسَهُ من كاملِ العفوِ حُلّةً ... تفوقُ به ظُرْفًا وتزهو بهِ حُسنًا

وأتحفَه في قربهِ ورضائِهِ ... بدائعَ نعماءٍ لهُ قد غَدَتْ حُسْنى

مدى الدهرِ ما طيرٌ تغنّى بروضةٍ ... وما أسعدت سُعْدى وما أحسنَتْ حُسْنى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015