أَوّلًا: قولُه "من طرق"؛ لم يبيّنها، ولم يذكر عَدَدَها! تضليلًا للقراء -كما يأتي بيانه-.

ثانيًا: قولُه: "قابلٌ للتحسين"؛ فهو من جَنَفِه وجنايتِه على الرواة الثقات، تمهيدًا لتضعيف الحديث؛ فإِنَّ رجالَ السندِ المذكور كلُّهم ثقاتٌ، ولذلك صحّحه الحاكم، ووافقه الذهبي، وكتم ذلك (الهدَّام) -كعادته-، وليس فيهم من تُكُلّم فيه إلّا يونس بن أبي إسحاقَ، ففيه كلامٌ يسيرٌ لا يضرُّ، ولذلك احتجَّ به مسلم، وصحّح له ابن حِبان غيرَ ما حديث، وذكره الذهبي في "من تُكُلِّم فيه وهو موثق"، وقال في "الميزان": "صدوق ما به بأسٌ، ما هو في قوة مِسْعَر ولا شُعبة".

فمثله يكونُ حسنَ الحديثِ -على الأقلّ-، وهو ما صرّح به الحافظُ -كما يأتي-، ولذلك سكت عن الحديث في "الفتح"، وأقرّ الحاكمَ على تصحيحِه (11/ 147).

ثالثًا: لم يقنع (الهدَّام) حتى بالقابليّة التي زعمها، فقد رفضها بقولِهِ: "لولا ما ذَكر التِّرمذي عقبه. . . " إلخ، فأعلّه بالانقطاع، مقلِّدًا للترمذي في قولِه: أنَّ غيرَ واحدٍ روى الحديث عن يونُس منقطعًا، دون ذِكر: "عن أبيه"!

فاكتفى بالتقليد هنا؛ لأنَّه وافق هوىً في نفسهِ، وهو تضعيفُ الحديثِ بغير حقّ، وإلّا فلِمَ لمْ ينظر فيمن أشار إليه التِّرمذي بقوله: "غير واحد"؛ مَن هم؟ ! وما عددُهم؟ ! وما حالُهم؟ ! وهل يصلُحُ -أو يصلُحون- لمعارضة الطرق التي وصلت الحديثَ، والتي أشار إليها -كما تقدّم-؟ ! ولم يبيّنها ليضربَها بقولِ التِّرمذي هذا! !

لقد ذكر التِّرمذيُّ أنَّه وصله محمد بن يُوسف وأبو أحمد الزّبيري (?)، ثمّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015