استجاز هو أن يرجِّح عليهما روايةَ "غير واحد"! -وهو لا يعرفُهم! - على روايتهما، فكيف جاز للهدَّام أن يقلِّده، في ذلك وهو لا يعرفُهم؟ ! وعلى العكس من ذلك يعرفُ اللَّذين سمّاهما التِّرمذي، ويعرف ثقةً ثالثًا شاركهما في رواية الوصل، وهو (إسماعيل بن عُمر)، في رواية أحمدَ، وتابعهم (محمد بن عُبيد الطَّنَافِسي) الحافظ الثقة عند البيهقي في "الشُّعَب" (1/ 432).

فهؤلاء ثقاتٌ أربعة وصلوه بذكرهم في إسنادهم -عن يونُس-: "عن أبيه"، فكيف جاز للهدَّام أن يتعامى عن هؤلاء ويرجّح روايةَ مَن خالفهم وهو لا يعرفهم؟ ! تاللَّه إنَّها لإحدى الكُبَر! ولذلك لم يُعَرِّج عليها الحافظ ابن حَجَر، فقال -كما في "شرح الأذكار" (4/ 110) -:

"حديثٌ حسنٌ"، إلى أن قال: "وقال التِّرمذي: إنَّ بعضهم أرسله"، قال الحافظ: "وقد وجدتُ له عن سعدا طريقين آخرين، أحدهما مختصرٌ، أخرجه أبو يعلى، وابن أبي عاصم، والثاني مطوّل، أخرجه الحاكم".

قلت: المختصر عند أبي يعلى في "مسنده" (2/ 65 / 707) بسند ضعيف، وهو عند البزّار (4/ 42/ 3149) مطوّل.

والمطوّل عند الحاكم (1/ 505 - 506) ضعيف جدًا، فلا يُستشهد به، وفي متنه نكارةٌ، وقد خرَّجته في "الضعيفة" برقم (5519).

ثم تعامى (الهدَّام) عن المتابعة التي ذكرها ليونُس من محمد بن مُهاجر القُرَشي، وهو -وإنْ كان البخاري ضعّفه بقوله: "لا يتابع على حديثه"- فلا يضرُّه هنا، لأنَّه قد توبع -كما ترى-، ولا سيما وقد وثّقه ابن حبان (7/ 413 و 415)، وروى عنه جمعٌ من الثقات.

نَعَم؛ الراوي عنه (عبيد بن محمد) لم يضعّفه إلّا ابن عديّ بقوله: "له أحاديث مناكير؛ يرويها عن ابن أبي ذِئب وغيره".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015