المعكوسة التي تسمّي الأشياء بغير اسمها, فتستحل الحرام وتحرم الحلال بذلك؛ حيث أضحت الخمر مشروبات روحية, والربا فائدة, والزنا حرية شخصية, وعداوة الآخرين من غير وطنه وطنية, والآراء الفاجرة حرية الكلمة, واحترام الماديات والعلامات وبعض الأماكن واجب وطني لا يجوز الخروج عليه والمساس به وكأنه جزء من الدين, فما الذي يبقى لله تعالى في قلب اقتنع بترهات القوميين, ونسي أن المجد الحقيقي إنما هو في اتباع النور الذي أنزله الله.

أما الخدع التي يرددها القوميون بتوافق الإسلام والقومية على أساس التسامح في الإسلام, فإنه كذب محض, وكذا دعوى أن القومية تتَّسع لكل الخلافات الدينية, واستمع لما يقوله مصطفى الشهابي1 من أن المسلم والنصراني كلّ واحد يؤدي عبادته في المسجد أو في الكنيسة ما دام يجمعهما حب القومية العربية؛ لأن الإسلام سمح يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر, والنصرانية كذلك تأمر بالمحبة, وكذلك سائر الملل والفرق لا لوم على أيّ واحد منهم ما دام يتوجّه إلى القومية ويتخذها رباطًا جامعًا؛ لأن القومية قابلة لكل اختلافات الأديان, وتذوب في القومية كل الاختلافات الدينية, وهؤلاء الدعاة الذين لا يفرِّقون بين الإسلام وبين غيره من الملل والنحل هم أعداء الدين الإسلامي حقيقة, وهم طلائع الاستعمار الشرقي والغربي, وهم المفرقون بين الناس, والمثيرون للعداوة والبغضاء بين الشعوب المتجاورة والمتعايشة على حسن المعاملة فيما بينهم مع اختلافهم أحيانًا في المعتقدات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015