ومثل هذا الغرض الجديد في شعر السنوسي يسمو بالشاعر إلى منزلة رفيعة بين شعراء العصر الحديث، الذي يعيش مع عصره بعقله وقلبه ووجدانه وعاطفته وأدبه وتصويره الشعري.

سابعًا: الوصف:

والوصف من الأغراض الأدبية في شعر السنوسي، نجد في ديوانه "الأغاريد" قصيدة "يا قلمي ص33-35"، وقصيدة "الكتاب ص69-72، وفي أزاهير" نجد قصيدة "الحصان المقيد ص72، 73"، يقول في قلمي:

هلمَّ إليَّ يا قلمي ... هلم فقد طغى ألمي

فأنت إذا أشرت يدي ... وأنت إذا صرخت فمي

وأنت نجي أهاتي ... وأناتي ونبض دمي

وأنت إذا بكيت أسى ... دموعي فضن في كلمي

وأنت إذا صبوت هوى ... وغنيت الهوى نغمي

وأنت ملاذ آمالي ... إذا ضاقت بها هممي

أبثك ما أنوء به ... من الأرزاء والنقم

فتصغي لي بلا ضجر ... ولا ملل ولا سأم

حملتك في سبيل الحق ... والآداب والقيم

وكنت وما أزال بها ... رضيعًا غير منفطم

أهيم بها وإن جرحت ... مناي وحطمت حلمي

وأعشقها على الآلام ... والضراء والسقم

وأسري في ظلام الدرب ... مرفوعًا بها علمي

كما سار الدليل على ... ضياء النجم في الظلم1

مع أن خصائص الوصف تقوم على تصوير ظواهر الأشياء من غير استبطان لأعماقها، وتجاوب معها، لهذا انصرف السنوسي عنه إلى الأغراض الحية النابضة ولم نجده إلَّا في ثلاث قصائد. لكن الشاعر تجاوب مع القلم وكأنه صديق له ونجيّ يناجيه إليه آلامه، فهو هواه ونغمه الشجي يبثه همومه، فيصغي إليه بلا سأم ولا ضجر، وهو خير من يحمل الأمانة في سبيل الحق والعلم والآداب والقيم، مهما لقي في سبيل ذلك من العنت والآلام وتجشم الضراء والأسقام، يسير إلى غايته مرفوع الجبين في ظلام الليل وعقبات الحياة لتحقيق الهدف الواضح أمامه كوضوح النجم في الظلام الدامس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015