التصوير الشعري:

بين الوجدان الذاتي والالتزام الموضوعي:

بهكلي شاعر من مدرسة التحرر في التجديد، وخاصة في ديوانه الأول "الأرض والحب"، تغنَّى الشاعر فيه بمشاعره الذاتية، وأحاسيسه الفردية، ووجدانه النفسي، ولا تجد له في هذا الديوان شعرًا ملتزمًا غالبًا، يعالج به موضوعات في الواقع، وإنما كان يعالج خلجات قلبه، وحمم عواطفه، وثورة وجدانه، لكن على أنه فرد من أفراد المجتمع، فيعالج المجتمع من خلال ذاته فقط، ولا يعالجه من خارج ذاته، بلا انفصال عنه؛ لأنه فرد منه ينبغي أن ينظر إليه من داخل نفسه، وأن يهتم به من خلال ذاته ووجدانه أولًا، وذلك في شعره الوجداني والتأملي الذي اشتمل عليه الديوان.

وشعر الطبيعة كذلك كان يتناوله الشاعر هروبًا من واقعه ليناجي مظاهرها، فتشاركه عواطفه ومشاعره، فهو يصور نفسه من خلال مظاهر الطبيعة؛ لأنها رمز يعبر عن وجدانه، ومسرح لتأملاته، ومعرض للتعرف على أسرار الجمال التي ينشدها في مجاليها، وبسطت القول في ذلك في أغراضه الأدبية.

أما الديوان الثاني "طيفان.. على نقطة الصفر" فقد تنوعت فيه الأغراض والموضوعات، فاشتمل على أغراض موضوعية، وخاصة في شعره الإسلامي، ولكنَّه مع ذلك غلب عليه التحرر في شعره من الموضوعية والالتزام، وأوضحت ذلك حين تناولت الشعر الإسلامي غرضًا من أغراض شعره، حين صور الشاعر أثر الموضوعات في نفسه، لا ذات الموضوع بأحداثه، وقد أقر الشاعر بذلك على نفسه ومنهجه في الشعر كما قدمنا.

والشأن في الموضوعات الإسلامية التي تناولها الديوان الثاني أن تعتمد على الالتزام والتصوير الواقعي للأحداث كما وقعت في التاريخ، ولكن تحرر الشاعر في التجديد جعله لا يعبأ بتطور الأحداث ونموها، وإنما كان يصور أثر هذه الأحداث في نفسه، ودرجة استجابة العاطفة والمشاعر لهذه الأحداث، وضربت الأمثلة على ذلك من قصيدته "غسيل الملائكة" وغيرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015