العمودي، وذلك في ثورة عنيفة، ولهيب مشتعل، شاعرًا وناقدًا ومؤرخًا وثائرًا، يقول في قصيدته "الشعر الحر"1:

لا العود عودي ولا الأوتار أوتاري ... ولا أغاريدكم من شدوي وأطياري

من أين جئتم بهذا الطير ويحكمو ... لا الريش ريشي ولا المنقار منقاري

إني أرى في جناحيه وسحنته ... سمات "اليوت" لا سيماء "بشار"

وصرت أسمع ألفاظًا مقلقة ... طرق المسامير في دكان نجار

ألبستموني ثيابًا لا تشرفني ... كأنها فوق جسمي حبل قصار

سود وحمر وصفر لا انسجام لها ... كرسم "بيكاس" يعي فهمه القاري

ماذا تقولون: تجديد؟ لقد هزلت ... وسامها كل مهذار وثرثار

ما الشعر؟ هل هو ألفاظ مسيبة ... بلا قيود رديء للمنطق الهاري

الشعر هندسة كبرى تكاد ترى ... في النسج واللفظ منه روح فرجار

والوزن للشعر روح وهي إن فقدت ... أضحى جسادا بلا حس كأحجار

قصيدة النثر مثل المشي جامدة ... والشعر كالرقص في سيقان أبكار

ورب حرف صغير الشأن يرفضه ... لحن المشاعر في ترنيم قيثار

تأبى الحروف التي صيغت نماذجها ... من رعشة الروح في أعماق أسرار

إن تلتقي معكم في سبق خاطرة ... عرجاء تحجل في ميثاء مهيار

لكل فن أصول يستقل بها ... شتان ما بين سباك وعمار

تبينوا بعض ما تبغون وانطلقوا ... في الروض ما بين أزهار وأثمار

وجنبونا غثاء لا جمال له ... ولا رواء ولا يوحي بإكبار

إن كل لابد من فن نجدده ... فجددوا في مضامين وأفكار

وأنطقوا الصخر في ترنيم قافية ... كرعشة الضوء في لمع السنا الساري

حرية الشعر في إشراق فكرته ... وفي تساميه عن لغو وإقذار

وأن يكون لكم في كل معترك ... رأي جهير وعزم غير خوار

أما كفى أننا فقر ومخمصة ... نستورد الغرب نيكلًا بخسًا بدينار

والشعر نور ونار والنفوس لها ... طبع الفراشات عشق النور والنار

ورب ذي قلم أعطى لأمته ... ما ليس يعطيه فيها نهرها الجاري

فالسنوسي شاعر عمودي يسير على درب القدماء في المحافظة على البحر العروضي الخليلي، والالتزام بالقافية؛ لأنها روح الشعر، ودونها يكون جسدًا بلا روح، وجمادًا لا يشعر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015