العروضي حتى نهاية القصيدة في كل المقطعات، هذا أقصى ما يخرج به الشاعر عن السمت الخليلي، وذلك مثل قصيدة "عودة الماضي" تسير على نظام المقطعات وسبق ذكرها1.

وقصيدة "أتمنَّى"2 وقد مرّت هي كذلك.

ولا يكتفي السنوسي بالمحافظة على القالب الموسيقي والالتزام به فحسب، بل كثيرًا ما يقلقه الخروج عليه والتمرد على الخليل بن أحمد، من شعراء التفعيلة الذين يطيرون وراء كل هيعة، ويرددون صدى كل ناعق، فيهجم عليهم وعلى عشاق الشعر الحر، تارة بالإفصاح عن اللحن الشعري القوي الذي يعبر فيه الشاعر عن أصالته العربية في الشرق والغرب:

نغمة من لغة الإنسان ... في شرق وغرب

يفهم القلب معانيها ... بلا حرف ولا كتب

ويعيها غير محتاج ... إلى ضم ونصب

وإلى أنغامها الحلوة ... يهفو ويلبي

ويناغيها إذا ناغت ... بتحنان وحدب

إنها أفصح من أفصح ... شعر المتنبي

إي وربي إنه ابني ... إنه "عصفور قلبي"3

ويعبر عن أصالة الشاعر أيضًا في قصيدته "الكلمات والشاعر":

في عالم الكلمات دنيا ... للشعر والشعراء عليا

في ظلها للفكر منطلق ... وللأرواح لقيا

في عالم الكلمات دنيا ... سقيًا لها مني ورعيًا

كم بت في أحضانها ... أستلهم الأضواء وحيا

وأساهر الأشواق منطلقا ... بها فكرًا ورأيًا

وأذيب للظامئين حيا ... وللغافقين وعيًا

والشاعر الفنان دنياه ... من الكلمات تحيا4

وتارة يتفجر السنوسي ثائرًا على الشعر الحر، وعلى شعراء التفعيلة، والخارجين على الشعر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015