الناس»، أدخل كلمة «الوطن» و «الأمة» في عداد تلك المفردات. كان عنوان الكتيب «رسالة الكلم الثمان». لكنه كان غير ما ينطوي عليه هذا العنوان. إذ أنه لم يتقدم بشرح واضح للمفردات المختارة، بل أتى على تبيان كيفية انتشارها وتطور معانيها. فللأمة مثلًا، في نظره، معنى أوسع بكثير من المعنى الديني. فقد تستعمل للدلالة على أي فريق من الناس تربط بينهم رابطة ما، كاللغة والبلد والدين. والأمة التي تستحق هذه التسمية أكثر من سواها هي الأمة القائمة على رابطة اللغة، لأن وحدة اللغة تحقق، على أكمل وجه، الغاية من المجتمع. ومهما يكن الأساس الذي تقوم عليه، فلكل إنسان دور فعال فيها، وعلى الحكومة أن تستشير الجميع، كما أن من واجب الحكام أن لا يعاملوا عامة الناس معاملة البهائم (1).

ثم كان لتطور مصر في السبعينيات من القرن التاسع عشر والأحداث التي انتهت بالاحتلال البريطاني في 1882 شأن في سيطرة هذه الأفكار على عقول الناس، وأهمية في الحياة السياسية. فحوالى 1879، انتظم عدد من الضباط في حزب شبه سري دعوه «الحزب الوطني» (2). وقد جذب هذا الحزب إليه عددًا من المدنيين وأصبح، بقيادة عرابي باشا، محور الحركة الوطنية. ثم تسلم الحكم في الأشهر الأخيرة التي سبقت الاحتلال البريطاني. ومع اقتراب خطر الاحتلال، التف حوله أولئك الذين أرادوا صد هذا الخطر. لكن هذا الالتفاف لم يكن سوى تحالف مؤقت أدى إليه الضغط الخارجي، إذ كان يخفي تباينًا عميقًا بين من استهدف خلق الشعور القومي وبين من آثر خلق حياة وطنية سليمة قائمة على مبادئ صالحة. وقد رأينا هذا التباين في ما أخذه محمد عبده على عرابي باشا من جهل لحقيقة معنى الكلمات التي كان يستعملها. وهو يتجلى أيضًا في مقابلتنا بين مقالات محمد عبده الباكرة وبين مقالاته خلال هذه الحقبة. وفي هذه الحقبة نفسها، بدأت الصحافة التوجيهية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015