تلعب دورًا مهمًا في الحياة السياسية المصرية، وبرزت شخصية الصحافي السياسي كشخصية رئيسية في العصر الحديث، وهو الذي عني خصوصًا، لا بنشر الآراء، بل، لمهارته في استعمال اللغة، بإثارة المشاعر الصاخبة.

كان بين الممثلين الأول لهذه الشخصية يهودي مصري هو جيمس صنوع (3)، ومسيحي سوري لعب دورًا قصيرًا مهمًا في السنوات التي انتهت بالاحتلال في 1882، هو أديب إسحاق (1856 - 1885). كان هذا الأخير من تلك القافلة التي أضافت، كما سنرى، عنصرًا جوهريًا على عناصر الفكر العربي الحديث. وقد تتلمذ أديب إسحاق على الآباء اللعازاريين الفرنسيين في دمشق واليسوعيين في بيروت، ثم سافر إلى مصر في حداثته ورأس تحرير جريدة «مصر»، أولًا في الإسكندرية، ثم في باريس، تحت اسم آخر. ولم يلعب أديب إسحاق دورًا كبيرًا في حوادث 1882، ولم تكن أهميته ناجمة عن تأثيره السياسي المباشر، بقدر ما كانت ناجمة عن نقله إلى القراء المصريين بعض الأفكار التي استمدها من تربيته الفرنسية. كانت فكرة المجتمع السياسي، القائم على تضامن غير التضامن الديني، تحتل مكانًا رئيسيًا في تفكيره. ولعل ذلك عائد إلى كونه من أصل مسيحي سوري، وإلى مشاعره العدائية نحو الإكليروس. وقد نادى أيضًا بعدد من أمثال الأفكار الآتية: فكرة الجماعة «الشرقية» التي يوحدها احتقار أوروبا لها ومقاومتها للنفوذ الأوروبي، وفكرة الجماعة «العربية» القائمة على وحدة الشعور، وفكرة الجماعة «العثمانية» التي تربط بينها شريعة مشتركة وسلطة واحدة ورغبة في العيش المشترك، وفكرة «الوطن» الذي هو الوحدة الإقليمية التي ينتمي إليها جميع القاطنين فيها والغيورين عليها.

غلب على كتابات أديب إسحاق طابع أدبي فضفاض، ونداء إلى الوحدة والقوة، حد من جموحه اهتمامه بالفضيلة السياسية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015