وَلَيْسَ من كَلَام النُّبُوَّة وَلَا من كَلَام أَصْحَاب النَّبِي قطعا.

وَمَا يرْوى عَن ابْن عَمْرو أَنه أوصى أَن يقْرَأ عِنْد رَأسه بِفَاتِحَة الْبَقَرَة وخاتمتها فَهَذَا لم يذكر فِي كتاب من الْكتب الْمُعْتَمدَة بل هُوَ فِي كتب الواهيات ككتاب تذكرة الْقُرْطُبِيّ، وَكم فِيهَا من أباطيل، وَإِن صَحَّ فَالْمُرَاد قرَاءَتهَا عِنْد احتضاره وَلم يَصح أصلا.

وَحَدِيث: " من دخل الْمَقَابِر فَقَرَأَ سُورَة يس خفف الله عَنْهُم " لَا أصل لَهُ فِي كتب السّنة، بل قَول الرَّسُول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِيمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ: " اقْرَءُوا سُورَة الْبَقَرَة فِي بُيُوتكُمْ وَلَا تجعلوها قبوراً "، يدل على أَن الْقُبُور لَا يقْرَأ فِيهَا الْقُرْآن وَكَذَا حَدِيث: " مَا من عبد يمر بِقَبْر رجل كَانَ يعرفهُ فِي الدُّنْيَا فَيسلم عَلَيْهِ إِلَّا عرفه ورد عَلَيْهِ السَّلَام " وَرَوَاهُ الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر، قَالَ: " فَيسلم " وَلم يقل: فَيقْرَأ لَهُ.

وَمَا يرْوى عَن ابْن عَمْرو أَيْضا أَنه أَمر أَن يقْرَأ عِنْد قَبره سُورَة الْبَقَرَة فَهُوَ كَلَام لَيْسَ لَهُ سَنَد صَحِيح وَلَا ضَعِيف، وَقد قَالَ الإِمَام الدَّارَقُطْنِيّ: لَا يَصح فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث فَكل هَذِه الْأَخْبَار والْآثَار شَاذَّة مُنكرَة مُخَالفَة لِلْأُصُولِ الْعَامَّة المقررة فِي الْقُرْآن الْمجِيد، وَمُخَالفَة أَيْضا لما كَانَ عَلَيْهِ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] طول حَيَاته هُوَ وَسَائِر أَصْحَابه وتابعيهم بِإِحْسَان. وَالْمَطْلُوب شرعا طَاعَة الرَّسُول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِي قَوْله: " اسْتَغْفرُوا لأخيكم وسلوا لَهُ التثبيت فَإِنَّهُ الْآن يسْأَل ". ذكره فِي زَوَائِد الْجَامِع عَن الْحَاكِم وَقد صرح الْقُرْآن بِالدُّعَاءِ للأموات قَالَ تَعَالَى {رَبنَا اغْفِر لنا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذين سبقُونَا بِالْإِيمَان} هَذَا هُوَ الْمَشْرُوع، لَا الْقِرَاءَة على الْمَقَابِر وَغَيرهَا. وَذَهَاب الْقُرَّاء إِلَى الْمَقَابِر خلف الْجَنَائِز للْقِرَاءَة برغيف أَو قرص أَو قِرْش خسة، عَظِيمَة، قَالَ تَعَالَى {وَلَا تشتروا بآياتي ثمنا قَلِيلا} وَقَالَ: {إِن الَّذين يكتمون مَا أنزل الله من الْكتاب ويشترون بِهِ ثمنا قَلِيلا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُون فِي بطونهم إِلَّا النَّار} ، وَإِقَامَة السرادق وإنفاق الْأَمْوَال الباهظة على الفرشات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015