قَالَ الْحَافِظ ابْن كثير فِي تَفْسِيره هَذِه الْآيَة: أَي كَمَا لَا يحمل عَلَيْهِ وزر غَيره، كَذَلِك لَا يحصل من الْأجر إِلَّا مَا كسب هُوَ لنَفسِهِ، وَمن هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة استنبط الشَّافِعِي رَحمَه الله وَمن اتبعهُ أَن الْقِرَاءَة لَا يصل إهداء ثَوَابهَا إِلَى الْمَوْتَى، لِأَنَّهُ لَيْسَ من عَمَلهم وَلَا كسبهم، وَلِهَذَا لم ينْدب إِلَيْهِ رَسُول الله ( [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ) أمته وَلَا حثهم عَلَيْهِ وَلَا أرشدهم إِلَيْهِ بِنَصّ وَلَا إِيمَاء، وَلم ينْقل ذَلِك عَن أحد من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَلَو كَانَ خيرا مَا سبقوا إِلَيْهِ، وَبَاب القربات يقْتَصر فِيهِ على النُّصُوص وَلَا يتَصَرَّف فِيهِ بأنواع الأقسية والأراء. فَأَما الدُّعَاء وَالصَّدَََقَة فَذَاك مجمع على وصولهما ومنصوص من الشَّارِع عَلَيْهِمَا، وَأما الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله ( [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ) " إِذا مَاتَ الْإِنْسَان انْقَطع عمله إِلَّا من ثَلَاث، ولد صَالح يَدْعُو لَهُ، أَو صَدَقَة جَارِيَة من بعده، أَو علم ينْتَفع بِهِ "، فَهَذِهِ الثَّلَاثَة فِي الْحَقِيقَة هِيَ من سَعْيه وكده وَعَمله، كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث: إِن أطيب مَا أكل الرجل من كَسبه، وَأَن وَلَده من كَسبه "، وَالصَّدَََقَة الْجَارِيَة كالوقف وَنَحْوه هِيَ من آثَار عمله وَوَقفه، وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّا نَحن نحيي الْمَوْتَى ونكتب مَا قدمُوا وآثارهم} الْآيَة - وَالْعلم الَّذِي نشره فِي النَّاس فاقتدى بِهِ النَّاس من بعده هُوَ أَيْضا من سَعْيه وَعَمله، وَثَبت فِي الصَّحِيح " من دَعَا إِلَى هدى كَانَ لَهُ من الْأجر مثل أجور من اتبعهُ من غير أَن ينقص من أُجُورهم شَيْئا " أه.

وَالْقَوْل بنسخ هَذِه الْآيَة خطأ مَحْض كَمَا حَقَّقَهُ الشَّوْكَانِيّ فِي تَفْسِيره وَغَيره وَمَا يرْوى أَن الإِمَام أَحْمد قَالَ: إِذا دَخَلْتُم الْمَقَابِر فاقرأوا بِفَاتِحَة الْكتاب والمعوذتين وَقل هُوَ الله أحد وَاجْعَلُوا ثَوَاب ذَلِك لأهل الْمَقَابِر فَإِنَّهُ يصل إِلَيْهِم، لم يَصح أصلا، وَكَذَا رِوَايَة: من مر على الْمَقَابِر وَقَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} إِحْدَى عشرَة مرّة ثمَّ وهب أجره للأموات أعطي من الْأجر عدد الْأَمْوَات "، بَاطِل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015