- قَوْلُهُ (عَجَّلَ لَهُ العُقُوْبَةَ فِي الدُّنْيَا): أَرَادَ المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ الإِرْشَادَ إِلَى أَنَّ المَصَائِبَ قَدْ يَكُوْنُ فِيْهَا مَنْفَعَةُ العَبْدِ، فَتَكُوْنُ نِعْمَةً فِي حَقِّهِ، وَهَذَا مِمَّا يَحْمِلُهُ عَلَى الصَّبْرِ عَلَيْهَا وَالاحْتِسَابِ وَالاسْتِرْجَاعِ، فَتَكُوْنُ المُصِيْبَةُ فِي تِلْكَ الحَالِ خَيْرًا لَهُ.

وَفِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ عَنْ صُهَيْبٍ مَرْفُوْعًا (عَجَبًا لِأَمْرِ المُؤْمِنِ؛ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ - وَلَيْسَ ذلِكَ لأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ -، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ وَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا لَهُ). (?)

وَكَمَا فِي حَدِيْثِ مُسْلِمٍ أَيْضًا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أُمِّ السَّائِبِ - أَوْ أُمِّ المُسَيَّبِ - فَقَالَ: (مَا لَكِ يَا أُمَّ السَّائِبِ - أَوْ يَا أُمَّ المُسَيَّبِ - تُزَفْزِفِيْنَ؟) (?) قَالَتْ: الحُمَّى، لَا بَارَكَ اللهُ فِيْهَا، فَقَالَ: (لَا تَسُبِّي الحُمَّى، فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ كَمَا يُذْهِبُ الكِيْرُ خَبَثَ الحَدِيْدِ). (?)

- فِي حَدِيْثِ أَنَسٍ هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَرَادَ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ) مَعَ قَوْلِهِ أَيْضًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيْثٍ آخَرٍ (وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ) (?) تَفْصِيْلٌ: وَهُوَ أَنَّ الخَيْرَ وَالشَّرَّ مَخْلُوْقَانِ مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَلَكِنَّ الشَّرَّ لَيْسَ مَقْصُوْدًا ابْتِدَاءً، بَلْ هُوَ خَيْرٌ فِي حَقِيْقَتِهِ، فَيَظْهَرُ فِيْهِ فَضْلُ اللهِ تَعَالَى عَلَى الصَّابِرِ، وَعَدْلُهُ مَعَ الكَافِرِ. قَالَ العُلَمَاءُ: أَفْعَالُ اللهِ تَعَالَى كُلُّهَا حِكْمَةٌ؛ تَدُوْرُ بَيْنَ العَدْلِ وَالفَضْلِ. (?)

- أَوْجُهُ بَيَانِ أَنَّ المَصَائِبَ نِعْمَةٌ: (?)

1) مُكَفِّرَاتٌ لِلذُّنُوبِ (كَمَا فِي حَدِيْثِ أَنَسٍ - عَجَّلَ لَهُ العُقُوْبَةَ -).

2) تَدْعُو إِلَى الصَّبْرِ؛ فَيُثَابُ عَلَيهَا - كَمَا فِي آيَةِ البَابِ -. (?)

3) تَقْتَضِي الإِنَابَةَ إِلَى اللهِ وَالذُّلَّ لَهُ، حَيْثُ يَسْتَشْعِرُ العَبْدُ ضَعْفَهُ وَحَاجَتَهُ إِلَى رَبِّهِ، وَيَظْهَرُ افْتِقَارُهُ إِلَيْهِ، فَتَظْهَرُ عُبُودِيَّتُهُ لَهُ سُبْحَانَهُ. (?)

4) رَفْعُ الدَّرَجَاتِ (?)، كَمَا فِي الحَدِيْثِ (يَوَدُّ أَهْلُ العَافِيَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ - حِينَ يُعْطَى أَهْلُ البَلَاءِ الثَّوَابَ - لَوْ أَنَّ جُلودَهُمْ كانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالمَقَارِيْضِ). (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015