إنّ الشطر الاول جملة تامَّة تُثِير سؤالاً: أَلَسْنَا صادقين؟

وجوابه: "كذبْتُمْ فإنَّ قُرَيشاً لَيْسُوا إخْوَتكُم" هذا الجواب محذوف لكن دَلَّ عليه ما جاء في الشطر الثّاني، أي: لو كنتم إِخْوَة قَرَيشٍ لكان لكم إِلْفٌ كما لهم.

الإِلْف والإِلاَف: العهد والأمان الذي يؤخذ لتأمين خروج التجَّار من أرض إلى أرض، وقد كانت قريشٌ لها هذا الإِلاف الذي يمكّنها من رحْلَتِي الشاء والصيف، إلى الشام واليمن ومصر.

الصورة الثالثة: أَنْ يكونَ بَيْنَ الجملَتَيْن "كَمَالُ الانقطاع".

وهذا يكون حينما يكون بين الجملتين تبايُنٌ تَامّ، فيجب فصل الجملة التالية عن الجملة السابقة، وعدَمُ وصلها بالواو العاطفة، بشرط أن لا يؤدّي ذلك إلى إيهام غير المقصود.

وهذه الصورة تظهر في ثلاثة وجوه:

الوجه الأول:

أن تختلف الجملتان السابقة والتالية خبراً وإنشاءً في لفظيهما وفي دلالتيهما مثل قول الله عزّ وجلّ في سورة (الحجرات/ 49 مصحف/ 106 نزول) :

{وأقسطوا إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين} [الآية: 9] .

فالجملة السابقة {وأقسطوا} إنشائية، مصدّرة بفعل أمر.

والجملة التالية {إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين} خبريَّة في لفظها وفي معناها.

وظاهر أنّ بين هاتين الجملتين "كمالَ انقطاع" فوجب فصلهما.

الوجه الثاني:

أن تختلف الجملتان السابقة والتالية خبراً وإنشاءً في دلالتيهما، ولو لم تختلفا في لفظيهما، كأن تكون الأولى خبراً في لفظها ومعناها، والثانية خبراً في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015