لفظها إنشاءً في معناها، كأن تقول: نجَحَ ابني في امتحاناته كلِّها، وَفَّقَهُ الله. فالأولى خبريَّةٌ لفظاً ومعنى، والتالية خبريَّةٌ لفظاً إنشائيَّةٌ دعائيَّةٌ معنى.

الوجه الثالث:

أن لا يكون بين لجملتين مناسبة ما في المعنى، ولا يوجد ارتباطٌ ما بين المسنَدِ إليه فيهما، ولا بين الْمُسْنَد، ومنه قول الشاعر:

إنَّما الْمَرْءُ بأصْغَرَيْهِ ... كُلُّ امْرِىءٍ رَهْنٌ بما لَدَيْه

ومثل أن تُعَدّدَ حِكَماً في موضوعاته مختلفات لا ترابط بينها، كأنْ تقول:

"رَأسُ الحكمة مَخَافَةُ الله - لا يُلْدَغُ المؤمِنُ من جُحْرٍ مَرَّتين - ارْضَ بما قَسَمَ اللهُ لَكَ تكُنْ أغْنَى الناس - كفَى بالموتِ واعظاً".

أما الوصل مع وجود كما الانقطاع لأنّ الفصل يوهم خلاف المقصود، فمن أمثلته ما روُي أنّ "هارون الرّشيد" سأل وزيرَه عن شيء فقال:

"لا وَأيَّدَ اللهُ الْخَلِيفَة" فبلَغ هذا القول "الصّاحِبَ بْنَ عبَّادٍ" فقال: هذه الواو أحْسَنُ من الواوات في خُدُود الملاح (أي: أحسن من الشعر الذي يتدلّى من الصدغ ويكون مثل الواو على الخدود) .

الصورة الرابعة: أنْ يكون بين الجملَتَيْن "شبْه كَمَالِ الانقطاع".

وهذا يكون حينما تكون الجملة التالية مسبوقةً بجملَتَيْنِ يَصِحُّ عطفها على إحداهما، ولا يصحّ عطفها على الأخرى، لأنه يُفْسِدُ المعنى المقصود للمتكلم، فَيُتْركُ العطف، ويجب حنيئذٍ الفصل دفعاً لما قد يحدث من إيهام بالوصل بالواو.

وذكروا من أمثلة هذا القسم قول الشاعر:

وَتَظُنُّ سَلْمَى أَنَّنِي أَبْغِي بهَا ... بَدَلاً أُرَاهَا في الضَّلاَلِ تَهِيُم

وقد سبق شرح هذا الشاهد.

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015