المسلمين, ويقومون بنشر مثل هذه السموم على بني جلدتهم ليصرفوا بها الأغرار عن الصراط المستقيم, ولقد عمد هؤلاء إلى التشبث بالروايات المشبوهة والضعيفة, والساقطة يلتقطونها من كتب الأدب وقصص السمر والحكايات الشعبية والكتب المنحولة والضعيفة, فهذه الكتب هي مستنداتهم في الغالب مع ما يجدونه من الروايات المكذوبة في الطبري والمسعودي, مع أنهم يعلمون أنها لا تعتبر مراجع علمية يعتمد عليها, لقد وقع الاعتداء على التاريخ الإسلامي -خاصة تاريخ الصدر الأول- بالتشويه عن طريق اختيار مواقف مختارة والتركيز عليها, كالمعارك والحروب مع تصويرها على غير حقيقتها حتى تزول عنها صفة الجهاد في سبيل الله, أو التركيز على الأحداث والفتن الداخلية بقصد إظهار خلافات الصحابة, رضي الله عنهم, وعرضها وكأنها نموذج للصراعات والمكائد السياسية في وقتنا الحاضر, وبالتجهيل وهو إهمال كل ما هو مدعاة للاقتداء والأسوة الحسنة,

وبالتشكيك, وهو توجيه السهام إلى التاريخ ورجاله وإلى المؤرخين المسلمين أنفسهم والتشكيك في معلوماتهم وصدقهم, وبالتجزئة وهي محاولة تجزئة التاريخ الإسلامي إلى أوصال وأشتات وكأنها لا رابط بينها كالتوزيع الإقليمي والعرقي ونحوه, فكل هذه الوسائل والحملات تسعى إلى تدمير تاريخنا الإسلامي ومحو معالمه النيرة وإبعاده عن مجال القدوة الحسنة والتربية الصحيحة.

لذا ينبغي على المؤرخ المسلم معرفة هذه الوسائل والتنبه لها, ومعرفة الذين تابعوا المستشرقين في آرائهم ومناهجهم وعدم التلقي منهم إلا بحذر شديد, فإذا كان علماؤنا -رحمهم الله- قد نقدوا كثيرًا من الرواة وضعفوا روايتهم بسبب أخذهم عن أهل الكتاب وروايتهم الإسرائيليات, فإنه ينبغي لنا التوقف في قبول أقوال وتفسيرات من يتلقى من المستشرقين بل إسقاطها وعدم اعتبارها إلا بدليل وبرهان واضح (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015