أو التفسير الخاطئ تبعًا للتصور والاعتقاد الذي يدينون به, ثم شايع هؤلاء طائفة غير قليلة العدد من تلاميذ المستشرقين في البلاد العربية والإسلامية, وأخذوا طرائقهم ومناهجهم في البحث, وأفكارهم وتصوراتهم في الفهم والتحليل وتفسير التاريخ, وحملوا الراية بعد رحيلهم عن بلاد المسلمين, فكان ضررهم أشد وأنكى من ضرر أساتذتهم المستشرقين, ومن ضرر أسلافهم السابقين من فرق البدع والضلال, وذلك أنهم ادعوا -كأساتذتهم- اتباع الروح العلمية المتجردة والمنهج العلمي في البحث, والحقيقة أن غالبهم لم يتجرد إلا من عقيدته, أما التجرد بمعنى الإخلاص للحق وسلوك المنهج العلمي السليم في إثبات الوقائع التاريخية, كالمقارنة بين الروايات, ومعرفة قيمة المصادر التي يرجعون إليها, ومدى أمانة الناقلين, وضبطهم لما نقلوا, وقياس الأخبار واعتبارهم بأحوال العمران البشري وطبائعه (?)

, فلا أثر له عند القوم, فلم يتقنوا من المنهج العلمي إلا الأمور الشكلية مثل الحواشي وترتيب المراجع وما شابهها, وربما كان هذا هو مفهوم المنهج العلمي عندهم (?) , يقول محب الدين الخطيب: إن الذين تثقفوا بثقافة أجنبية عنا قد غلب عليهم الوهم بأنهم غرباء عن هذا الماضي, وأن موقفهم من رجاله كموقف وكلاء نيابة من المتهمين, بل لقد أوغل بعضهم في الحرص على الظهور أمام الأغيار بمظهر المتجرد عن كل آصرة بماضي العروبة والإسلام جريًا وراء المستشرقين في ارتيابهم حيث تحس الطمأنينة وميلهم مع الهوى عندما يدعوهم الحق إلى التثبت وفي إنشائهم الحكم وارتياحهم إليه قبل أن تكون في أيديهم الدلائل عليه (¬3).

ومن أهم الوسائل التي اتبعها المستشرقون وتلاميذهم في تشويه وتحريف حقائق التاريخ الإسلامي:

أ- التدخل بالتفسير الخاطئ للأحداث التاريخية على وفق مقتضيات أحوال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015