عوملت معاملة أهل الذمة؛ فقد فرضت عليهم الجزية، وحرموا من تطبيق الشريعة الإسلامية، وخضعوا لقوانين البلاد القائمة على العادات الوثنية. واستمرأ معظم أمراء المسلمين- وقتذاك- ومن يلوذ بهم من النفعيين الحياة في ظل هذا الركود، ما عدا نفر من أهل الصلاح والتقوى الذين يتطلعون إلى ظهور مصلح يأخذ بأيدي المسلمين، وينقذ الدين الإسلامي من وهدته1.

الحركات الإصلاحية في بلاد الهوسة.

تحقق هذا الإصلاح المرتقب على أيدي الفلان منذ مطلع القرن الثالث عشر للهجرة (19 م) . وهنا تبدأ الموجة الإسلامية الثانية التي بلغت من القوة في خلال قرن واحد حدا يفوق ما بلغته الموجة الإسلامية الأولى في خدمة الإسلام والثقافة الإسلامية في غرب أفريقية خلال سبع قرون. ولقد امتدت اليقظة الإسلامية التي انبعثت من قلب الجزيرة العربية على يد الشيخ المجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى بلاد الهوسة بغرب أفريقية أول القرن الثالث عشر الهجري؛ إذ وجدت الدعوة السلفية طريقها إلى هذه الأقاليم التي ما كان لها أن تبقى بعيدة عما يعتمل - وقتذاك - في قلب الجزيرة العربية وغيرها من الأقطار الإسلامية التي تأثرت بالدعوة السلفية؛ لصلاتها القوية بها جميعا ولا سيما في موسم الحج.

كان رواد نشر الدعوة السلفية ودعاتها في غرب أفريقية من قبائل الفلبي (الفلان) الذين أخذت أفواجهم منذ القرن السابع الهجري (13 م) تفد من مواطنهم الأصلية بإقليم فوتاتورو بالسنغال إلى بلاد الهوسة في شمال نيجيريا. وقد انقسم المهاجرون من الفلان إلى فريقين: فريق سكن المدن وعرف باسم "فلانى جدا"، أي: المختلطين أو المهجنين، لاختلاطهم بقبائل الهوسة عن طريق المصاهرة 2 وهؤلاء كانوا أول من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015