وفي يوم الاثنين السابع من الشهر المذكور، ورد نجاب من الحج وأخبر أن العرب تعرضت للحج الشريف، وعوقوه على ما قيل، ثلاثة أيام، وراح للباشا أحمالاً كثيرة، وأرسل يطلب عسكراً وميرة يحصلها إبراهيم باشا حتى تأتي مع الجردة، وأرسل الخبر للمتسلم، وكتبوا بيارقاً لحقت بالجردة، وبعض ميرة، ونسأله اللطف.
وفي يوم السبت، العصر، أعني يوم السادس والعشرين، وصل قاضي الشام إلى حرستا ومراده يدخل أول السنة.
23 - 10 - 1721م
أوله الخميس، وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والأعجمية السلطان أحمد ابن السلطان محمد بن عثمان، والباشا بدمشق، عثمان باشا في الحج الشريف، وقاضي الشام مصطفى أفندي مدحي، والمفتي محمد أفندي، ابن العمادي. والمدرسون وبقية الناس على حالهم.
وفي يوم ذلك ورد بكرة النهار قاضي الشام مدحي أفندي، ولاقى له الأكابر والأعيان والوجاقات، ولم يتخلف أحد.
وفي يوم السبت ثالثه، ورد الشريف يحيى بن الشريف بركات، ولاقا له الأكابر والأعيان، ونزل دار بني الأرنؤوط، وهي شمالي الأموي، ومقابل المدرسة العزيزية والجقمقية، ومعه نحو السبعين من العبيد والرقيق. ومراده سكنى دمشق. ودخل بالقبة والطير، لأنه كان تولى السلطنة الحجازية، ووروده من مصر.
وفي يوم الأربعاء، رابع عشر محرم الحرام، دار القاضي بنفسه على السوقة وأرباب الصنايع، ونسأله أن يجعل التمام إلى خير.
وفيه بلغ خبر عن الجردة أن العرب وقفت للجردة عند بغاز في طريقها، فلما وصل الخبر لإبراهيم باشا، نادى بالإقامة، وأنه لا يشيل إلا بعد خمسة أيام. ثم سأل كم بينه وبين العرب؟ فقيل: سبع ساعات، فخلا حتى صار الليل بعد العشاء بنحو ساعة، كب من غير أن يشعر به أحد، فما أصبح الصبح إلا وهو فوق رؤوسهم، فقتل منهم نحو ألف رجل، ولم يفلت منهم إلا القليل.
ثم أُخبر عن نجعهم، وكان النجع عن العرب بنحو ساعة، فذهب إليهم ونهبهم ورجع غانماً، ثم قام ومشى.
وهذه من أحسن الابتكارات، ولولا ذلك أخذت العرب الجردة كلياً. وقيل: يقال لهم بنو عطية. وهذا كله بالشيوع، والله أعلم واقعة الحال، ولا تعلم أخبار الحج إلا بعد وصولهم على وجه اليقين.
وفي عاشر صفر، يوم السبت توجه الشريف يحيى كافلاً للقدس الشريف، وهو ابن بركات سلطان الحجاز في السابق، وكان سابقاً مكث مدةً بدمشق، وتولى إمرية الحج بها، وتولى سلطنة الحجاز مدة، وخرج لوداعه العلماء وأرباب الدولة، وبعد لم يظهر من الحج خبر أصلاً، ونسأله اللطف سبحانه.
وفي الخميس خامس عشر صفر، جاء الكتاب وأخبروا أن الحج والباشا انمسكوا من العرب بمنزلة العلا، في الرجعة، ثمانية عشر يوماً. وكان في الطلعة قاتلهم عثمان باشا نحو ثلاث مرات. وكانت هذه الطائفة لهم من الصر السلطاني، فطمع فيهم ولم يعطهم قيل إن صرهم ستة أكياس في الدفتر، وأخذوا يطالبوه من المزيريب وفي كل منزلة ويناشدوه الله، وكبارهم ينشدوه بالله وبالنبي وبحقن الدماء فلم يمكن، وكان لهم عليه من الصر في السنة السابقة، ووعدهم إليها في هذه السنة، ولم يعط التليد ولا الجديد، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فجمعوا عليه في الرجعة نحو الثلاثين ألفاً، فأول ما أخذوا الجردة ومن معها من البيارق فمسحوهم بالسيف عن آخرهم، ولم يبقوا إلا الأمير ومعه رجل من الأمراء، ثم وصل المجرحون الذين بقوا، للعلا، ومكثوا بها ثلاثاً حتى وصل الحج فمسكوا الحج جميعاً، ولم يفلتوه إلا بمائتي كيس، ودخل الباشا يوم الأحد ثامن عشر شهر صفر، والمحمل واللواء ثم العلماء ثم النظار ثم المفتي وقاضي الشام مدحي أفندي، وعثمان باشا معهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فيما وقع، وكله من المطمع.
وفي يوم الجمعة ثالث عشرينه، توفي القاضي محب الله بن الطباخ، من كتاب المحكمة العسكرية، فجأة، وصلي عليه بالأموي، ودفن بالدحداح.
يوم الخميس حادي عشره، خرجت بقية الحجاج والسقا باشي وأمين الصر.
ويوم السبت، الرابع والعشرين دخلت الخزنة المصرية.