ومع ذلك فمراده هو والدفتار أن يعرضوا في أهل الشام، الرعية وغيرهم، وادعى قتال من قتل بأنه من دفع الصايل. والحال أن دفع الصايل، هو الذي يريد القتل المصمم عليه، ومراد هؤلاء بيوردياً منه برفعها، ومن بلي بالجهل كيف يدرك للفرق؟.
وفي يوم الجمعة ثاني جمادى الأولى، دخل محمد أمين أفندي قاضي الشام ولقبه دريا زاده تنكري، من على الصالحية، وعمل له القاري ضيافةً بالصالحية، ثم نزل بعد العصر.
يوم السبت، العاشر من الشهر، سلمنا على شيخنا العلامة الشيخ عبد الرحمن السلمي الحنفي لأنه كان في الحج، ورجع على مصر، وزار القدس في رجوعه من مصر، بداره شرقي جيرون بدمشق.
وبلغ خبر من الأروام أن السلطان توجه للسفر، والآن أرسل يطلب الدعاء عقب الصلاة بالجامع، والله ينصره بإحسانه.
يوم ثاني عشرين جمادى الأولى، توفي السيد حسين بن السيد محمد القدسي، وكان عليه عثمانية، وذهب للروم مراراً، وصلي عليه بالأموي، ودفن بالباب الصغير. وكان عليه تدريس الناصرية بالصالحية، والحال أنه لا خبرة له في معرفة تقرير مسئلة واحدة. وهذه المدرسة إلى الآن، متحصلها حسن، وهي مدرسة عظيمة من أكلف العماير وأنضرها، وعمارتها من عجايب الدنيا وهي مقابل جامع الأفرم، وفي دمشق الناصرية الجوانية شرقي حمام القاعة وغربي المدرسة البدرائية.
جمادى الثاني، فيه ورد من الروم أوراق فيها صورة حية ظهرت في بلاد الإفرنج الكائنين ببلاد بغم، المأخوذة من أيدي المسلمين زمن السلطان محمد سنة أربع أو خمس وتسعين وألف. وكان يخرج من فمها النار والدخان وأحرقت أشجاراً وأهدمت أبنيةً ودحتها، وقتلت من أهل بغم خلقاً كثيراً، ثم اختفت ولم يعلم لها خبر. وأرسل تسجيلها إلى إسلام بول مشوهة. ولا يبعد ذلك في قدرة الله تعالى، فقد وقع في السابق أقوى من ذلك بنواحي حماة، وذكرها المؤرخون، حتى استغاث أهل عينتاب، فحملتها سحابة فارتفعت بها، وكان بفمها كلب، فكان يصيح إلى أن خفي صوته عنهم.
وفي يوم الثلاثاء شهر رجب، قتل ولد من بني الفاره، مراهق حسن الشكل بالصوامع، وكان هو ووالده نايمون على سطح بالصيف، فجاء رجلان وقعدا عليه وضربوه بثلاث خناجر ثم قاموا، فصاح: قتلوني، فقام والده الشيخ إبراهيم فهربوا، ثم مات الولد بعد كم درجة، ولم يعلم قاتله بعد. وقيل إن القتل كان لأبيه، لأن له في القرية استحقاقات ودعاوي عليهم، وقيل، تشاتم مع جماعة في النهار، مع رجلين أكراد.
ثم حمل وأتي به للسرايا، ثم أخرجوه للصالحية، ودفن بتربة لصيق قبر ابن العربي، قدس سره. والصباحية بالجامع. ورثاه الأب الشيخ محمد بن محمد الأكرمي بقوله:
رمي بحدّ الحسام ظبيٌ ... بحسن وجهٍ كالبدر يجلى
وكان يبدو كخوط بانٍ ... فيطرق الفيض منه محلا
حتى أتى حاسدٌ إليه ... فقابل المثل منه مثلا
فقلت لما قضى عليه ... أرّخ: محمّد قد مات قتلا
ثم إن الباشا أرسل بيارقاً، وقيل ترحلت غالب تلك القرى. وأهل القرى من أهل البلاء.
وفي الخميس ثاني عشر الشهر، بدأنا بصحيح البخاري درساً عاماً بدارنا بحكر الأمير المقدم، بعد ختم درس الفقه بالمدرسة، وجعلناه كدرس الفقه، بكرة النهار.
وفيه راسلني صاحبنا الأخ الأعز الأمجد حسين بن تركمان حسن، كيخية الينكجرية بدمشق سابقاً، ممتدحاً.