وفي يوم الخميس، مفتتح ربيع الأول، أمر الباشا أن تشعل أرباب الحوانيت على كل حانوت، قنديلاً لأجل الضوء.
وفي يوم الأربعاء سابع الشهر، أنشدني بعض أصحاب لمولانا أحمد أفندي الحلبي، مفتي دمشق الشام في القرنفل لمناسبة جرت، توفي المزبور يوم الخميس في جمادى الآخرة سنة 1105، ودفن بتربة الشيخ رسلان، قدس سره، آمين.
وفي اليوم، الاثنين، في الشهر الذي هو ربيع الأول، نزل بالصالحية مطر غزير، وصار رعد وبرق، وكانت مربعانية الصيف، والله على كل شيء قدير.
وقيل وقع صاعقة غربي الشالق مما يلي المدرسة الكوجانية التي بالشرف الشمالي، أي شمالي التكية.
وهذا الشرف كان محلة عظيمةً في عصر السبعماية، بأسواق وجوامع وخانات وبيوت وقصور على الميدان الأخضر، وخربت تلك المحلة في عصر الثمانماية. قال ابن طولون: أدركت أني صليت الجمعة في جامع هناك.
وفي يوم الجمعة العاشر، نادى الباشا على التتن لا يشربوه في الأسواق.
وفيه بلغ أن مفتي طوس، وكيل شيخ الإسلام، مرادهم يعمروا ببعلبك أربع مدارس، والآن الحادية.
وبنو متوال مخذولون، والآن تعمر قرى كثيرة كلها سكنتها أهل السنة، وأن ابن الحرفوش، الأمير شديد، طايح الآن في البادية لا يأوي، وله معلوم على فلاحين الشيعة هناك، ومعه نحو الخمسين خيالاً.
وفي يوم الجمعة، فيه طلع الباشا متخفياً للصالحية وكسروا بعض أقصاب الدخان، وعند الصلاة حضر بالموكب للجامع الأموي.
وفي يوم السبت الثامن عشر، كنا عند الشيخ مراد اليزبكي في داره شمالي الحاجبية، أعني جامع الورد، وأما الحاجبية بالصالحية فتسمى المحمدية، وكان عنده الشيخ أبو الصفا بن الوجيه أيوب، شيخ السلطنة العثمانية، وعنده جماعة من دولة الشام. ومع الشيخ أبي الصفا، كتاب الشيخ تقي الدين المكي في الحديث يتأمل فيه، فتذاكروا في حديث ملئ عمار إيماناً، وفي رواية: عمار ملئ إيماناً، فذكر الشيخ مراد أن الحكمة من تنويع الروايات تنويع الفائدة.
ثم جاءت مذاكرة في قول الجنيد: الاشتغال بالحديث ليس من دأب السالكين. فذكر الشيخ مراد كلاماً حسناً، وهو أن العلم، مقدمة على العلم بالله علماً، وذكراً وشهوداً ووجداناً، وعلم الحديث جزء من تلك المقدمة، والجزء لا يحتاج إليه عند الحصول على الكل.
ثم وردت مذاكرة في المعمى، فقال إنه في اسم هود في قوله تعالى: " ما من دابَّةٍ إلاّ هو آخذ بناصيتها " أراد أخذ الدال من دابة، وهو لطيف.
أقول: ومن ألطف ما وجدت في المعمى، تاريخ أعلم العلماء، مولانا حسين الخافقي في العمل الحسابي، قول بعضهم: انقلب محراب الزهد والديانة والدولة، وهي السعادة عند الفرس، وأراد بانقلابها أن تصير هكذا 888 يعني تاريخ وفاته سنة 888 هـ.
وفي يوم السبت، سابع عشرين ربيع الأول، عمل محمد آغا بن سليمان آغا الترجمان، فرح يحيى آغا بن طالو، الشاب الخالي العذار، صهره زوج ابنته، وتكلف كلفةً بالغةً، ودعوا باشة الشام حسن باشا، وقدموا له تقدمةً عظيمةً مكلفةً ما يساوي ثلثماية غرش، وأعطى الجاويشية عشرين غرشاً، والمدخل كل واحد ثلاث غروش، وكانوا سبعة أيضاً، وللمشعلية نحو العشرة غروش، والعشية نحو العشرين، والشعالين نحو خمسة، والموالدية نحو خمسة، وعشية للرجال، وعشية للنساء، ومكث الفرح سبعة أيام، والضيافة: واحدة الظهر، والثانية العصر.
وفي أول يوم الفرح، كان الباشا وقاضي الشام، وفي ثاني يوم الموالي وجماعاتهم وبقية القضاة والكتاب، ثالث يوم، الشيخ مراد وسادات الصوفية أصحاب الطرقات وجماعتهم وصلحاء العلماء، ثم وجاق الزعماء، ثم وجاق الينكجرية، ثم دولة القلعة كآغة القبول وآغة القلعة، وبقية الأيام تجار وبقية الناس، وتكلفوا كلفةً باذخةً.