وفي ثاني عشرينه، شنق الباشا الشيخ محمد أبو نادر البقاعي، شيخ قريته، وهو من مشايخ بلاد البقاع، وصلي عليه بالتوبة ودفن بالدحداح. وكان فيه إصلاح بلاد البقاع لا إفسادها، ولكن أهله تجنوا عليه عند الحكام للتقرب إلى الظلمة، فوشوا فيه لما اتهم بأنه كان يعارضهم في الأمور المخالفة، من البلص والقتل، وهم لا يرضوا.
وفي آخره أرسل الباشا عسكراً لظاهر بن سلامة لأجل ظاهر بن كليب، المقتول زمن ناصيف، ثم جاؤوا بكتب.
جمادى الأولى، وفيه ورد للباشا إقرار.
وفيه نادى الباشا على شراب التتن لا يشرب في الأسواق، وأن جماعته لا تحمل السلاح.
وفي يوم الاثنين عشرين الشهر، شاب متعمم حب امرأة، فدعته إلى بيتها، فلما بات عندها، دخل عليه في الليل جماعة وكتفوه وفعلوا ما شاؤوا. ثم تفقده أهله فلم يجدوه. فوجدوه بعد التفتيش عندها مربوطاً مسكراً عليه، فحلوا كتافه ورباطه، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فينبغي الحذر وعدم الركون، والتقوى رأس كل شيء، ونسألك اللهم أن تستر عوراتنا، وألهمنا التقوى وجنبنا التصنع والدعوى، وقوي اللهم في طبايعنا قوى الحياء، ونجنا من رذايل اللهو والهوى، إنك سميع مجيب.
وفيه ورد أيوب بك رأس صناجق مصر هارباً منهم مع بعض أعيان منهم، ودخلوا الشام قرب العصر بجرد الخيل، من غير بغل ولا أحمال، وهم نحو الخمسماية، ونزل دار بني سليمان آغا ترجمان، وعرض له الباشا للباب بالصلح، وأن أهل مصر بلغ منهم أنهم نزلوا الباشا من قلعة الجبل وأودعوه الحبس، وبقيت الفتنة نحو أربعين يوماً حتى هدأت، وكشف الله عنهم.
وفي جمادى الثانية، توفي الشيخ الصالح سليل الأولياء والصالحين الشيخ محمد بن الشيخ الكبير القطب الغوثي الشيخ محمد بن عبد الهادي، وذلك نهار يوم الخميس خامس عشرين جمادى الثانية، أو الأولى، ودفن بالدحداح عند والده.
في أوله وصل الخبر بنصرة السلطان، وصار على النصارى فرق مال الخراج.
وفي يوم السبت سافر الباشا على الدروز ونواحي البقاع، وطلع على جبال الدروز ونهبهم وسبى نساءهم وأخذ حريمهم وموجودهم، وما خبوه في صيدا من مال وحرير ونساء وغير ذلك من الخيل والبغال والحمر، ولم يعارضوه وأرضوه بمال.
وفي ليلة السبت الخامس والعشرين من رجب توفي ولدنا محمد أمين، الشاب الخالي العذار البالغ عشرين سنةً بمرض بقي فيه أربعة أشهر، بمرض متحالف بالإسهال والدم، والتوى من الصلب، ومات عن يقظة لم يغب أصلاً، ولم يكن حاله حال من يموت، لطلاقة لسانه وعدم تغير عينيه، ولكن عجز عن القيام والجلوس، مع نورانية وجهه، وعدم التغير إلا يسيراً.
وكان ذكياً فهيماً كامل المروءة، جليل الحرمة، سريع الجواب، فصيح النطق قوي الهمة، وكانت وفاته قبل العشاء بثمان درج، وصلي عليه بالسليمية الظهر ودفن بالروضة قرب الشيخ موفق الدين ابن قدامة بسفح قاسيون، وتأسف الناس عليه، رحمه الله رحمةً واسعةً على مر الزمان، وأعلى درجته في دار الأمان، دار الجنان.
رجعنا، في سادس شعبان، عملنا للمذكور رحمه الله تهليلةً، وكم ختم في الأجزاء، وذلك بالقصر الكاين بالصالحية، المشهور بقصر أبي البقاء، واجتمع علماء وصلحاء وبقي الذكر إلى المراسلة، فعسى له القبول بجاه الرسول صلى الله عليه وسلم.
وفيه، شتم محمد آغا، ترجمان الباشا، رجلاً من الطلبة، فقام عليه العلماء وكتبوا فتوى في كفره وأرادوا قتله، فعاد يشفع فيه بعض الأعيان، ثم أرضى خواطر القضاة وبعض الأعيان وصاحب القضية، وتاب واستغفر، فخلوا عنه.
رمضان، أوله الثلاثاء على رؤيا، وفي ثانيه وصل الباشا من سفر الدروز، ونهب غالب بلادهم، وسبى من نسائهم جانباً وصلوا هم للشام مع ما حملوا من المال. وفي خامس عشر الشهر دخل أمين الصر والسقا باشية والحج الرومي. جملةً واحدةً.
وفي أواسطه يوم الاثنين، دخل قاضي الشام محمد أفندي كمرك إمامي وذلك يوم ثامن عشر سنة 1123، ونزل بالصالحية، قصر محمد خليل السعسعاني وقصر حسين أفندي ابن قرنق.