في آخره دخل الحج الشريف، وأخبروا أن الحج نهب في وادي الصفيرا، بين الحرمين. في الرجعة، وقتل العرب خلقاً كثيراً من جماعة الباشا، وكان الباشا نهب من طائفة من العرب، من عرب بين الحرمين، فصار ما صار، وبقي نحو ثمانين امرأةً، مكثوا في بدر يخدموا، لأنهم انقطعوا هناك، ومنهم من وصل إلى المدينة يخدم ويأكل، ولا قوة إلا بالله.
وفي صفر لم يقع ما يؤرخ.
وفي أول ربيع الأول يوم الاثنين ثانيه أول الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر علماء وأعيان.
وفي يوم الأربعاء الرابع من ربيع الأول، توفي الشيخ خليل أفندي المحقق العلامة المدقق الفهامة، الشهير بابن الحمصاني الشافعي. اجتهد ودأب في التحصيل وحصل العلوم بهمة واجتهاد، فأخذ من المحقق النجم العرضي، والمعاني والبيان عن البرهان الفتال، والأصول والمنطق عن العلامة الشيخ أبي السعود بن تاج الدين الشافعي. وأخذ عن العلامة الشيخ علاء الدين أفندي المفتي الحنفي الحصكفي. وحضر عند الشمس ابن بلبان الصالحي الحنبلي وغيرهم. ودرس بالجامع وقرأ بين المغرب والعشاء في الحديث في كتاب الشفا للقاضي عياض. ثم ترك وذهب إلى الروم مراراً. وآخرها، جاء بسنجق على طرز الأروام وركب في الموكب مرتين أو ثلاث، وتركه، وبقي يخطب في جامع الآغا مثل عادة الخطباء، وكان عليه وظائف كثيرة وعثمانية. وكان عليه بسبب السنجق تدريس الحجازية، ووعظ على الكرسي بالجامع في رمضان. وكان ماهراً في تفسير البيضاوي، كثير المطالعة فيه، وأخذ في شبابه طريق الخلوتية عن أبي السعود بن الشيخ العارف أيوب الخلوتي، شيخ تكية أحمد باشا الكجك، ثم إنه صلي عليه بالجامع ودفن بالباب الصغير. ثم تولى الحجازية محمد جلبي بن علي أفندي العمادي.
وفي تاسعه توفي عمر شيخ الأتمزلي، من أعيان قول دمشق وزربا التركمان الكاينين بمحلة الحقلة، قبلي الميدان، وكان سكنه آخراً بداره عند جامع الورد، وصلي عليه بالجامع المذكور، ودفن بتربة التركمان قبلي الحقلة.
وفيه وصل خبر بتوجه الوزير الأعظم إلى بلاد الكفار، وأنه عارضهم الطابور فكسروه وقتلوا أهله وأرسلوا للسلطان نحو الألفي أذن.
وفيه جددت الخانقاه الباسطية الكاينة بالصالحية، لصق الجسر الأبيض، وجددها مدرسها فتح الله أفندي الداديخي من أعيان النواب بدمشق الشام، ورممها ولم شعثها فجاءت في غاية الحسن والنضارة، وهي من أنزه المدارس ومنشئها الأمير عبد الباسط، وأنشأ معها الحمام الكاين في الجسر، وهو من أوقاف الأهلية لا المدرسة، فهي لا تعلق لها به، وتولى هذه المدرسة في عهدنا مدة، الكمال يونس المصري الشافعي، مدرس قبة النسر بالجامع الأموي، ثم عزل منها.
وفي آخر توفي أحمد جلبي بن عبادة بمرض الدق، وكان اشتغل مدةً على شيخنا الشيخ عثمان القطان، أي في آخر الأمر، ودفن بالدحداح.
ووصلت أخبار من محروسة مصر بأنها مفتونة بفتنة عظيمة لم يقع مثلها، وعز على الناس المأكول والمشروب لانحصارهم في البيوت وتسكير البلد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ربيع الثاني، أوله الخميس. في سابعه يوم الأربعاء، توفي إلى رحمة، الشيخ عبد الرحيم بن الشيخ أحمد العرودكي، شيخ زاوية العارف بالله الشيخ أبو بكر العرودكي قدس سره، والخطيب الأصلي بجامع الخاتونية بالصالحية، أخذ عن الشمس بن بلبان، وعن العلاء القبردي، وغيرهما، وجلس مكانه ولده الشاب الشيخ عبد الجليل، وكان أذن له في القيام بعده في أمر الزاوية والخطبة وغيرهما. ولبس خرقة والده بحضور جماعة من العلماء والصوفية في الزاوية، ودفن في جوار الشيخ العرودك تحت القبة.
وفي عصر يوم الخميس، توفي الشيخ حسن بن مرجان البقاعي الخلوتي. أخذ في بدايته عن زين القضاة عيسى الخلوتي، وعن الحسيني الخلوتي، وعن الحسيني الخلوتي تلميذ عيسى الخلوتي، ولبس عنه الخرقة، ودفن بتربة مشايخه في الدحداح الغربية.