ربيع الثاني، في عشرينه، يوم الجمعة، دخل محمد باشا بن بيرم كافلاً بدمشق، ونزل الميدان الأخضر بعساكره وجماعته، وقيل بنية الركوب على العرب الجلالية، وأنه متعين عشرون باشا، والسردار محمد باشا المذكور، وأرسل خلف ظاهر السلامة يستنخيه على بلاد حوران وبصرى وتلك الديرة، وهو في غاية من الحلم والعبادة، خير من المرة الأولى.
وفي يوم الخميس، أوايل ربيع الثاني، ليلة الجمعة، دخل محمد باشا على بنت حسن باشا الكردي، الباش جاويش، أخت مصطفى بيك الكردي الباش جاويش بعده، المتوفى سنة إحدى عشر في مكة المشرفة، وتقدم ذكره.
وفيه أرسل نهب قرية شقحب المنسوبة لابن القواس، لكون ابن القواس كان مؤاخياً لكليب، ولم يحضر مع العسكر على كليب، وفتكوا في النساء والبنات، ولا قوة إلا بالله.
جمادى الأولى، في ثالث عشره، توفي الشيخ إبراهيم السفرجلاني الأمجد الأفضل الأديب الشيخ، ابن محمد السفرجلاني. كان فاضلاً أديباً شاعراً ماهراً، وله ديوان لطيف، وصلي عليه بالأموي، ودفن بالباب الصغير. ومن شعره قوله:
صدح الحمام فهاج صدحه ... شجن الفؤاد وسال جرحه
وسقاه حبّكم سلاف الشّ ... هد حتى زاد شطحه
وعصى العذول لأنّه ... يدعو إلى السّلوان نصحه
يا نازلين على العقيق ... عقيق دمعٍ طال سحّه
أين الأناة فإنّ لي ... كبداً بكم أعياه قرحه
جودوا بإرسال النّسيم ... عسى يدواي القلب نفحه
يا جاد روض ربوعكم ... غيثٌ به يخضلّ طلحه
وسقى بأكناف الحمى ... غيثاً كطعم الشّهد ملحه
وله غير ذلك، عفي عنه، آمين.
جمادى الثانية، في أوله ورد عسكر من حلب مع كيخية باشة حلب، وعسكر من أدنة أيضاً، وأن حسن باشا سافر للروم ليصلح شأنه من أجل العرض فيه من ابن بيرم.
وفي أواسطه توفي الشيخ الصالح بركات الرفاعي الصالحي، وأصله من مضايا، قرية بوادي بردى، وكان حصل له جذب في بدايته وتقيد في خدمة الولي الشيخ عثمان أبو الخواتم الصالحي من أرباب الجذب والأحوال، والصحو والكمال، وكل أصابعه خواتم غاصة إلى العظم. وقيل إنها تزيد على ثلاثين، لا يخلع شيئاً منها ولا يقدر، وقيل غير ذلك، وقيل كانت جملة بلدان من البلدان، لأنه كان في عضده سوار غاص فاجتمع جماعة ومسكوه قهراً وردوه وهو يصيح ويقول لا تردوه فالحوا وفكوه عن عضده، فأخذ يتأسف ويتحول ويلطم على يديه، فما مضى شهر من الزمان، إلا وأخذت النصارى بلدةً عظيمة من المسلمين في بلاد الروم.
وفيه صلي الظهر على الشيخ بركات يومه ذلك بالخاتونية ودفن بقاسيون، وذلك يوم السبت آخر جمادى الأولى، آخر يوم فيه، وقيل أواسط جمادى الثاني، والله أعلم.
وفي الشهر المذكور دخل عساكر من أدنة للركوب على كليب.
وفي تاسعه يوم الاثنين سافر ابن كرد بيرم من السرايا بعد الظهر، ونزل بقبة الحاج، قيل للركوب على كليب، وقيل لخرب قلعة جبريل لأنه بلغه أن فيها ذخائر العرب، وقيل ينتظر جواباً، لأن كليب أرسل للسلطنة أكياساً وأخذها له حسن باشا رفيقه الذي توجه للروم لإصلاح القضيتين.
وفيه بحلب، توفي العلامة الشيخ حسن السكري الحلبي مدرس البرهمية. وكان فقيراً في بدايته، ورد على دمشق وحج، ثم إنه ذهب للروم وأثرى جداً، وصار عليه قرى ومالكانات في آخر أمره، وما مات إلا ذو ثروة وذلك ببركة العلم.
وفي آخره، يوم السابع والعشرين، يوم السبت توفي الشيخ الفاضل الحيسوب الفرضي الماهر، الشيخ محمد الميقاتي. كان ماهراً في فن الفرائض والحساب والفلك، قاطن عند مسجد القرماني بالجسر الأبيض، داخل المحلة، عند دار بني سنان أفندي، كان يؤذن بمسجد القرماني، ودفن بتربة الزغبي، بالزاي والغين المعجمة، الشيخ محمد الولي، وذلك بسفح قاسيون، وصلي عليه الظهر بالخاتونية.
رجب، وأوله الخميس، وقيل الأربعاء، ورد محمد باشا ابن بيرم.