يوميات شاميه (صفحة 142)

صفر الخير سنة 1153، وأوله الخميس، وقيل الأربعاء، وبعد الحج لم يأت.

وفي يوم الخميس، أول صفر، ورد الكتاب وأخبر أن الحج بخير، وفرق المكاتيب في الدرويشية.

وفي يوم الأحد رابع صفر الخير، دخل الحج الشريف، ويوم الجمعة كان العيد، والكل يشكر هذه الحجة من جهة الأمن والماء، وصار غلاء في الشعير، وبعض شيء.

وفي يوم الاثنين سادس صفر دخل المحمل على حساب الأربعاء، أو على حساب أن أوله الخميس. قيل وكانت الوقفة الثلاثاء، وفي دمشق العيد، والوقفة الاثنين. ونسأله الإجابة والقبول، وهو المأمول بحق الرسول.

فضل الصلاة على النبي

وفي يوم الثامن عشر من صفر، يوم الجمعة، وأنا أصلي على الرسول، وهذا الورد في كل يوم جمعة: اللهم صلى الله عليه وآله وسلم على سيدنا محمد، أكررها بالسبحة إلى حد الأف، فسهوت في تاريخه، فرأيت حضني، وكنت متربعاً، ملآناً ذهباً، فهذه مفسرة بالصلاة على الرسول، وهي من أشراف المطلوب لشرفها، كماله، للذهب، شرف على جميع آلات المعاملات، ففرحت بهذه الرؤيا المباركة ببركة الصلاة على الرسول، والشهر من تاريخ سنة ثلاث وخمسين، ولله الحمد.

آخر قصائد المؤلف

ربيع الأول، وأوله الجمعة.

ومما نظمته في حق بعض الأصحاب من المحبين:

أيا قمراً لا يكمل إلاّ تماما ... ما كان وعدك لي إلاّ تماما

أوعدتني الوصل حقّاً يقيناً ... وعد كمّونٍ، ما أراه مراما

إن أشتكي إليه كان مجيباً ... صبراً يدوم ولا يحلّ ذماما

محمد الكنجي الحنفي

وفي يوم الجمعة، الرابع عشر من ربيع الثاني، الكاين في سنة 1153، صلي حاضرةً على الشيخ العلامة، الفهيم الذكي البليغ الناظم المفيد، الفقيه النحوي الشيخ محمد أفندي الكنجي، وصلي عليه بالجامع ودفن بالدحداح.

كان فاضلاً، شغله الإقراء والإفادة. شرح رسالتي المسماة: بالرسالة المشتملة على أنواع البديع في البسملة شرحاً حافلاً، وضمنه من شعر المتقدمين، ومن شعره كثير. وطلبت إلى الروم، فأرسل نسخةً وأبقى نسخةً أُخرى عنده.

وبدأ في شرح المقامات إلى عشرة، وشغله رحمه الله الإقراء والإفادة في منزله بالمدرسة العصرونية، وربما كان بلغ أوايل الستين، عفي عنه آمين.

إخراج وجاق القبيقول

وقبل ذلك، أُخرج وجاق القبيقول من دمشق، ولم يبق منهم ديار، ولله الحمد. وكانوا أفسدوا الحرث والنسل، ويشهرون السلاح على الرعية، والجروح لا تحصى، والقتلا مما لا تحصى. ثم أُرسل الوزير عثمان باشا إليهم، وهو المسمى بالمحصل. فمن له عيال وناس ملاح خرج قدامه يثبته بالدفتر مع البينة، وحضور أعيان البلد، وقال: الباقي يسافرون.

ومن أراد يأخذ آخرين، يقبل يد الباشا، ويخرج، ومن أراد يسافر. فسافر أكثرهم في البلدان وعند الدروز، وتفرقوا غاية التفرق والتشتت: كبارهم وصغارهم.

مساويهم

وكل من كلم واحداً يجرحه بالسيف، أو يضربه بالبارود يقتله، حتى صار ذلك ببركة أهل الشام والأبدال التي فيها. وورد فيه من رامك بسوء قصمته.

والحاصل، ورد الخط الشريف من حضرة الخنكار السلطان محمود، أيده الله بنصره في الدنيا والأخرى. وهو من صلاح الملوك من المؤيدين من عند الله بالنصر، وقد أخذ بير الأغراض من طائفة الكفار، ونحو ماية حصن وقلعة إلا وأخذه.

وفضيت الشام من الأسافل والجبابرة وقليلين الدين والإيمان والأمانة، كثيرون العنترة، كل واحد كالنمرود، لا يحللون ولا يحرمون، فجزا الله المولى الخنكار أحسن الجزاء آمين.

وفي آخر ربيع الثاني سنة 1153، رأيت أن قايلاً في الرؤيا يقول: رح لبيتك، وأنا أجيء إليك بالنصر، وكنت مريضاً شديداً، وهي بشارة إن شاء الله تعالى.

هذا آخر ما حرره المؤلف، وهو الشيخ محمد ابن كنان إنشاء الله تعالى، وهذا آخر ما مسك به القلم، وهذا الجزء من الحوادث اليومية والانتهاء به إلى شهر ربيع الثاني سنة ثلاث وخمسين وماية وألف، رحمة الله على مؤلف هذا التاريخ، المنسوب إلى المرحوم الشيخ محمد ابن المرحوم أبي الثناء، الشيخ عيسى ابن المرحوم الشيخ محمود ابن الشيخ محمد ابن كنان الخلوتي الصالحي، صاحب طريقة الخلوتية بدمشق، وقد استمر شيخاً في الجامع المعلق مدةً طويلة، وهي ثلاث وخمسين سنة أحسن الله ختامه بالإيمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015