وفي أواسطه، أرسل السلطان محمود، نصره الله، توصية بدمشق، وقال: إنها مالكانتي، لا أحد يؤذيها بشيء، وأبطل أن الكافل يكون له في الروم قبي كيخيا، يجعل أميناً يرسل له الأخبار من خير أو شر، وهناك عند حضرة السلطان يودعه الأخبار، وأوصى بالعدل والعدالة.
وفي شهر جمادى الثاني، توفي الشيخ محمد بن الإمام العلامة أبي الفلاح عبد الحي الحنفي الحنبلي الصالحي، وصلي عليه بالسليمية، ودفن عند أخيه بالسفح، وخلف أموالاً لا تحصى، وأمتعةً وبساتين وديون، حتى بلغت نحو الماية كيس.
رجب، وأوله الأحد. يوم خامسه، يوم الخميس ليلة الجمعة، أوله جمعة في رجب، عملوا إحياءً وختماً، وهدي ذلك كله إلى إسماعيل آغا، وأهدوا له ثواباً مثل ثواب فاعله، كما هو مشروط في وقفه، عفي عنه.
وفي آخر جمادى الثاني، دعانا سعيد أفندي خطيب دمشق لضيافتنا عنده، وطلب إجازة الحديث عنا، وكتبنا له، وطلب طريق الخلوتي، فأذنا له بورود المشيخة في كل يوم، وقرأنا الفاتحة على ذلك.
وفي آخره، كنا وبعض أصحاب بحديقة ابن القاري، وجعل تلميذنا إبراهيم الحافظ لنا ضيافة، وكان الشيخ مصطفى أفندي المصرلي.
وفي يوم الثلاثاء، واحد وعشرين رجب سنة 1152، وأوله الأحد، سهوت، وكان في يدي كراس أطالع في النهار، وإذا بقايل يقول: " وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين ". فعلمت ولله الحمد وراثتي منه عليه السلام.
شعبان، أوله الاثنين على الثبوت الشرعي.
يوم السبت كان سادسه، كنا نحن وجماعة من الإخوان في الأسعدية، غربي جامع الأفرم، وهي في القديم دار قاضي القضاة أسعد التنوخي الحنبلي.
كان في القديم كل قاض من الأربعة، قاضي خمسماية، كالحنفي الآن، وتأتي الخلع السلطانية إليهم كل سنة، أصواف وسمور، والتجديد، ولكل واحد مكان للحكم ونواب وجاويشية وجوقدارية.
وفي ليلة الأربعاء، ثالث عشرين الشهر، رأيت في الرؤيا رجلاً يأمرني بهذا الذكر في كل يوم ماية مرة، وهو: " سُبحان الله والحمدُ لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر "، فامتثلت وشرعت فيه في ذلك اليوم، وألحقته بجملة أورادنا في الطريق.
رمضان، وأوله الأربعاء، والثلاثاء يوم الشك، وكان شعبان تاماً.
وفي أواسطه ورد من الروم بشارة بنصرة السلطان، وبشارة بنصرة السلطان محمود بأخذ قلاع للنصارى، وعمل شنكاً ملآنة بضرب المدافع في البكرة والعشي.
رؤيا
وفي يوم الاثنين ثالث عشر رمضان سنة 1152 بعد أن صليت الصبح، بعد طلوع الشمس، فرأيت قائلاً يقول: قررت ليلة الثلاثاء، يعني من جهة الروم في تعلق، وفقت في الحال، ثم لم أنم، فحسبت أن المقرر به لي صار في يوم الاثنين من رمضان ليلة الثلاثاء، والله يحسن الحال بمنه، آمين.
وفيها مكتوب وصفة بنادق تنفع من الأفكار الردية والسوداء، ومن الخفقان والفزع والماخوليا: أفتيمون، قشر كابلي، عود قماري، لولو، كهربا، زر ورد، مصطكي، زبيب أشقر منزوع النوى، وسكر يعجن ويعمل بنادق ويجفف في الظل، وشربته سبع دراهم.
شوال والقعدة والحجة، لم يقع فيه ما يؤرخ.
29 - 3 - 1740م
وسلطان المملكة الرومية وبعض العربية السلطان محمود بن مصطفى بن محمد بن عثمان، وقاضي الشام القديم السيد مصطفى أفندي، وسافر ثالث محرم، معزولاً بقاضي الشام الجديد، وهو إسماعيل أفندي مسعودي زاده الرومي، والمفتي حامد أفندي العمادي، والعلماء والمدرسون وبقية الناس على حالهم، وباشة الشام عثمان باشا المحصل بالحج الشريف.
ودخل إسماعيل أفندي في أول الشهر، وسافر المعزول ثالث محرم.
وكانت الفتنة بين الينكجرية والقبوقول، أزالهم الله من دمشق بمنه، وهم حوادث الوجاق.
والوجاق القديم الينكجرية، كذا رتبهم السلطان سليم حين دخل الشام، وعمر الجامع بالصالحية، وذلك في سنة اثنين وعشرين وتسعماية، أما هؤلاء، فلم يظهر لهم أثر إلا في سنة سبعين بعد الألف، أُنشيء هذا الوجاق لغاية، فإنهم لا يحرمون، ولا يباشرون إلا النهابة والسكر وأذى المسلمين وحمل السلاح، قاتلهم الله.